edition
إنفوبلاس
  • الرئيسي
  • كل الأخبار
    • سياسة
    • أمن
    • اقتصاد
    • رياضة
    • صحة
    • محليات
    • دوليات
    • منوعات
  • اقرأ
  • شاهد
  • انظر
  • انفوغراف
  • كاريكاتور
  • بودكاست
  • بلغتنا
  • من نحن
  1. الرئيسية
  2. الأخبار
  3. سياسة
  4. الملف من الجذور.. قرار دولي مجحف ونظام اشترى البقاء مقابل سيادة البلاد.. قاضٍ متقاعد يسرد قصة...

الملف من الجذور.. قرار دولي مجحف ونظام اشترى البقاء مقابل سيادة البلاد.. قاضٍ متقاعد يسرد قصة خور عبد الله

  • 26 تموز
الملف من الجذور.. قرار دولي مجحف ونظام اشترى البقاء مقابل سيادة البلاد.. قاضٍ متقاعد يسرد قصة خور عبد الله

انفوبلس..

أثار الجدل بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله بين العراق والكويت خلافًا قانونيًا وشعبيًا واسعًا، وسط رفض واسع لها من قطاعات عراقية ترى فيها اعترافًا بقرارات أممية "مجحفة" صدرت إبان فقدان العراق سيادته. وبين الموقف القضائي المتشدد والتحفظ الشعبي، يتجدد الجدل حول السيادة والعدالة الدولية.

 

تفصيل تاريخي 

وحول هذا الملف، كتب القاضي المتقاعد سلمان روضان الموسوي إيضاحا مطولا للقضية وجذورها وكواليسها، يمكن تلخيصها بالآتي:

 

1. إن التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله مع دولة الكويت الموقعة في بغداد بتاريخ 29/4/2021 هو تصديق واعتراف بكل فقراتها، وحيث إنها تتضمن اعترافا صريحا بترسيم الحدود الذي تم بموجب قرار مجلس الامن رقم 833 وعلى وفق النص الوارد في المادة (6) من الاتفاقية الذي جاء فيه (لا تؤثر هذه الاتفاقية على الحدود بين الطرفين في خور عبد الله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 833 لسنة 1993) . وهذا يعني أن الاتفاقية لها مساس مباشر بالأراضي والشواطئ العراقية التي اقتطعها الترسيم من العراق ومنحها الى الكويت بالقرار 883.

 

2. إن ترسيم الحدود لم يتم بالطرق التي رسمها القانون الدولي او الأعراف الدولية، وانما بموجب قرار قسري أرغم العراق على التقيد به دون أن تكون له إرادة في ذلك، حيث استند الترسيم الى قرار مجلس الامن رقم 833 لسنة 1993 الذي صدر استنادا لقرار مجلس الامن رقم 687 لسنة 1991 والذي ألزم العراق بقبول الترسيم للحدود، والعراق ليس له رأي او قبول وانما خضع مرغماً، وفعلاً اصدر النظام السابق قرارا جمهوريا بالقبول، ولم ترضَ الدول الكبرى، فأصدر قرارا آخر عن مجلس قيادة الثورة المنحل، ولم يُرضِهم ايضاً، فأصدر قانونا عن المجلس الوطني المنحل ويمثل السلطة التشريعية في حينه.

والمراقب يلاحظ مدى الإذلال الذي كان عليه النظام السابق، ومدى فقدانه لإرادته.

 

3. وحيث إن العرف والقانون الدولي يعتمد وسيلتَين لترسيم الحدود، إما عن طريق إبرام اتفاقية ثنائية بين دولتين، او عن طريق قرار قضائي يصدر عن محكمة العدل الدولية عند تصدّيها للنزاع الحدودي، وتكون الدولتان لهما حق الدفاع امام المحكمة بالتساوي. 

لكن الطريقة الهجينة التي تم بها الترسيم لم تكن مألوفة ولا أساس لها، كما لا تدخل باختصاصات مجلس الامن الواردة في البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بل على العكس وردت فيه المادة (40) التي أكدت على عدم جواز المساس بحقوق الأطراف المتنازعة او مراكزهم وعلى وفق النص الآتي (منعاً لتفاقم الموقف، لمجلس الأمن، قبل أن يقوم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 39، أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة، ولا تُخِل هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم، وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه.)

 

4. إن مجلس الامن في ما يتعلق بحل النزاع ودياً ليس له إلا أن يوصي ولا يُجبر الأطراف على القبول، ويترك الحل الى الطرفين باللجوء الى القضاء وعلى وفق ما ورد في المادة (36) من ميثاق الأمم المتحدة التي جاء فيها (منعاً لتفاقم الموقف، لمجلس الأمن، قبل أن يقوم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 39، أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة، ولا تُخِل هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم، وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه)،

 

5. لكن القرارات (687 و833) كانا قرارَين قد صدرا عن مجلس الامن باختصاصه الحربي والعسكري تحت بند استعمال القوة، وهو ما يؤكد فقدان الإرادة لدولة العراق، كما أن العراق في ظل الفترة التي صدرت بها تلك القرارات لم يكن كامل السيادة بل كانت سيادته منقوصة، فهو يعاني من حصار شامل وعقوبات تمنعه من التصرف بموارده، ويحظر عليه الطيران في ثلثي أجوائه، وثلث من أراضيه خرجت عن سيطرة الحكومة المركزية بانفصال كردستان وإدارته بإدارة ذاتية محمية من الدول الكبرى.

 

6. وحيث إن العراق آنذاك كان منقوص السيادة، فإنه سوف لن يوفر الغطاء الشرعي لأي قبول بأي ترسيم للحدود، وفي حال اعتبار القبول الصادر عنه بما قررته لجنة قرار مجلس الامن 833 بمثابة الإيجاب لإبرام الاتفاقية، فإنه كلام مردود على قائله، لأن العراق كان مُكرهاً في ظل الوضع العسكري القائم الذي أدى الى استسلام النظام السابق لكل ما يطلبه التحالف الدولي، وفي اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 حيث اعتبر الإكراه سبب من أسباب بطلان أي اتفاقية وعلى وفق ما ورد في المادة (52) التي جاء فيها (تكون المعاهدة باطلة إذا تم التوصل إلى عقدها بطريق التهديد أو استخدام القوة بصورة مخالفة لمبادئ القانون الدولي المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة).

 

7. كما يُعتبر قبول النظام السابق بهذا الترسيم المذل باطلاً، لوقوعه تحت الإكراه، حيث كان رئيس وأعضاء النظام السابق في خوف على حياتهم وعلى نظامهم السياسي، والقبول كان بالإكراه، وتتم ملاحظة ذلك من وسيلة القبول التي تقررت بثلاثة قرارات صدرت عن النظام السابق، تحت التهديد وهذا ما يجعل من القبول باطلاً وغير ذي أثر قانوني على وفق أحكام المادة (51) من المعاهدة التي جاء فيها (ليس لتعبير الدولة عن رضاها الالتزام بمعاهدة والذي تم التوصل إليه بإكراه ممثلها عن طريق أعمال أو تهديدات موجّهة ضده أي أثر قانوني).

 

 

لذلك فإن الرفض الشعبي لاتفاقية تنظيم الملاحة هو رفض الاعتراف بترسيم الحدود، لأن المصادقة على اتفاقية الخور، سوف يؤدي الى الاعتراف بمخرجات قرار مجلس الامن رقم 833 لسنة 1993 حيث ورد في المادة (6) من اتفاقية الخور اعتراف صريح بترسيم الحدود مثلما تم توضيحه في أعلاه،وهذا هو الأساس الذي اعتمده الشعب، وسبب الاحتجاج وهذه الغضبة الشعبية أرغمت السلطة التنفيذية على الاستجابة الى مطالب الشعب وسحب الدعوى (طلب إبطال عريضتها) ثم امتنع مجلس النواب عن التصويت عليها مجدداً انسجاما مع المطلب الشعب الغاضب، ونأمل أن لا يختلف موقف السلطة القضائية عن مسار السلطتين التشريعية والتنفيذية والاستجابة للمطلب الشعبي الرافض لتلك الاتفاقية، بل ندعو الجميع الى اتخاذ التدبير اللازم لتحرير العراق من قرار مجلس الامن رقم 833 الجائر إما بإصدار قرار جديد من مجلس الامن او باللجوء الى محكمة العدل الدولية لإبطال ما ورد فيه، استنادا الى نص المادتين (51 و52) الواردتين في اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969. 

 

وفي حال الظرف الدولي لا يسمح في الوقت الحاضر، فلا ضير من التريث الى أن تحين الفرصة المناسبة، على أن لا نمنح الخصم الفرصة بأن العراق بحكوماته التي تلت عام 2005 قد أقر بما كان قد قَبِلَ به النظام السابق، ومن ثم يصبح الدفاع عن الحقوق صعباً، كما ننوه الى أن بعض مواقع التواصل الاجتماعي للدولة جارتنا قد هللت وكبرت لما كان قد عرضه السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى حول اتفاقية الخور، إن الشعب العراق وهو يدرك أن ما قام به ذلك النظام لا يمثل إرادة الشعب، ومع ذلك قدم العراق التعويضات التي فاقت الاضرار المزعومة بعشرات المرات ومن أموال الشعب العراقي وتحمل العوز والجوع،  لذلك فإن الشعب قد أعلن عن موقفه الرافض لهذه الاتفاقية ولسان حاله يقول، إن كان العراق قد أخطأ في الهجوم على الدولة الجارة، فإنه لن يُخطئ في ترك الدفاع عن حقوقه مهما كان الثمن، ويعلم الجميع أن العراق له القدرة على المطاولة والتضحية من اجل حقوقه، وافضل مثال معاصر موقف الشعب في تحرير أراضيه التي اغتصبها الإرهاب، وكيف استعادها، بإرادة شعبية وليس بإرادة حكومية رسمية، مع ان حجم الأراضي التي استعادها تعادل أضعاف مساحة ما سار به الترسيم الحدودي. 

 

 

قراران متناقضان

وفي وقت سابق من يوم الأربعاء الماضي، حذر رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي فائق زيدان، من تداعيات المضي في طعن المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق) باتفاقية خور عبد الله مع الكويت، معتبرا أنه سيؤدي الى نسف جميع الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها البلاد على مدى العقدين الماضيين من الزمن.

 

وقال القاضي زيدان في مقال نشره تحت عنوان "أمواج خور عبد الله بين قرارين متناقضين"، إن المحكمة الاتحادية "قضت بعدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2013، وعدلت عن قرارها السابق (21/اتحادية/2014)، مستندةً إلى وجوب التصويت بأغلبية الثلثين (للبرلمان العراقي)، وإلى المادة (45) من نظامها الداخلي التي تُجيز لها العدول كلّما اقتضت المصلحة الدستورية والعامة.

 

وأضاف أنه "إذا ما اعتُمد شرط (أغلبية الثلثين) الذي تبنّاه القرار الثاني في سنة 2023، فإن ذلك ينسحب تلقائيًا على أكثر من (400 اتفاقية) صُدّق عليها سابقًا (بالأغلبية البسيطة)، فتُعتبر جميعها باطلة لعدم استيفائها النصاب الجديد".

 

وأوضح القاضي زيدان أنه "ما يعني عمليًا نسف منظومة الاتفاقيات الدولية التي أبرمها العراق خلال العقدين الماضيين. كما ألغى القرار استقرار المراكز القانونية الناشئة عن اتفاق دولي مودَع لدى الأمم المتحدة، مما يُرتّب مسؤولية دولية محتملة على العراق".

 

كما أشار رئيس مجلس القضاء الاعلى إلى أن "العدول يُعدّ في التشريع العراقي أداة استثنائية تُمارَس بدقّة متناهية، إذ حصرها المشرّع في المادة (13/أولًا/1) من قانون التنظيم القضائي بالهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية وحدها، دون سائر المحاكم، وبشروط جوهرية، هي (أن يرد العدول على مبدأ قضائي مجرّد لا على حكم قطعي، وأن يُحال الملف من إحدى الهيئات التمييزية إلى الهيئة العامة، وأن يصدر قرار معلّل يُبيّن الحاجة الملحّة)، مع عدم المساس بالمراكز القانونية والحقوق المكتسبة".

 

واعتبر القاضي زيدان أن "هذا التقييد يحافظ على استقرار التعاملات ويحمي مبدأ حجّيّة الأحكام المنصوص عليه في المادة (105) من قانون الإثبات، ويمنع أي سلطة قضائية من تبديل النتائج النهائية للنزاعات تحت ذريعة الإصلاح أو التطوّر".

 

ونبّه إلى أنه "رغم خلوّ الدستور وقانون المحكمة الاتحادية من أي نص يُخوّل هذه المحكمة صلاحية العدول، أدرجت المحكمة في نظامها الداخلي نصًّا موضوعيًا هو المادة (45)، يُجيز لها أن (تعدل عن مبدأ سابق… كلما اقتضت المصلحة الدستورية والعامة)، وهو إدراج يتجاوز الطبيعة الإجرائية للأنظمة الداخلية، ويخالف مبدأ تدرج القواعد القانونية؛ إذ إن النظام الداخلي أدنى مرتبة من القانون، ولا يصلح لتوسيع الاختصاصات"، لافتا إلى أن "الأخطر من ذلك أن المحكمة، في قرارها المؤرخ 2023/09/04، لم تتراجع عن مبدأ، بل نقضت حكمها القطعي الصادر في 2014/12/18 بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، ووصفت النقض بالعدول، مع أن المادة (45) نفسها تنص على أن العدول يرد على (المبدأ) لا على "الحكم".

 

القاضي زيدان خلص الى أنه "بهذا التصرف، تجاوزت المحكمة حجّيّة الأمر المقضي فيه، وأحدثت فراغًا تشريعيًا واضطرابًا دبلوماسيًا، لأن الحكم الملغى كان يؤسس لالتزام معاهدي مودَع لدى الأمم المتحدة".

 

ومضى بالقول "وعليه، فإن أي قرار يُطلق عليه (عدول) خارج هذه الضوابط، وخصوصًا إذا مسّ حكمًا نهائيًا أو صدر عن جهة لا تملك الاختصاص، يُعدّ لغوًا قانونيًا لا يُعتدّ به، ويُلحق ضررًا مباشرًا بمبدأ سيادة القانون وبثقة المتقاضين".

 

واختتم رئيس مجلس القضاء الاعلى مقاله بالقول إنه "يتبيّن من هذا المسار أن القرار الأول في سنة 2014 اتّسم بالانسجام مع النصوص الدستورية وقواعد القانون الدولي، فحقّق اليقين القانوني داخليًا وخارجيًا، بينما افتقر القرار الثاني في سنة 2023 إلى الأساس الدستوري والقانوني، وأثار تداعيات قانونية ودولية لا يُستهان بها".

 

وتُعَدّ اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، المُبرَمة في العام 2012 بين جمهورية العراق ودولة الكويت، معالجة فنية وإدارية لآثار غزو نظام صدام حسين للكويت عام 1990 وما ترتب عليها من ترسيم الحدود بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993؛ إذ أكّدت مادتها السادسة أن الاتفاقية "لا تؤثر على الحدود بين الطرفين في خور عبد الله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993".

 

وصادق مجلس الوزراء العراقي على مشروع قانون التصديق في نهاية العام 2012، وأقرّه مجلس النواب بالأغلبية البسيطة بموجب القانون رقم (42) لسنة 2013، ثم نُشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4299) بتاريخ 2013/11/25.

 

وقد أُودعت وثائق التصديق لدى الأمم المتحدة، وأُرسلت نسخة منها إلى المنظمة البحرية الدولية، فدخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ استنادًا إلى قاعدة pacta sunt servanda.

 

وأصدرت المحكمة الاتحادية، قرارها المرقم (21/اتحادية/2014) بتاريخ 2014/12/18، فميّزت بين قانون تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات، الذي يتطلّب أغلبية الثلثين بموجب المادة (61/رابعًا) من الدستور، وبين قانون التصديق على اتفاقية معيّنة، الذي يُقر بالأغلبية البسيطة وفقًا للمادة (59/ثانيًا).

 

 

بين السيادة والقانون الدولي

لا تزال اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله تمثل واحدة من أكثر الملفات السيادية حساسية في العراق ما بعد 2003، إذ تلامس جراحًا تاريخية لم تندمل، وتتقاطع مع مفاهيم قانونية وسياسية ودستورية شائكة، تتعلق بالسيادة والإذعان والشرعية.

 

القاضي المتقاعد سلمان روضان الموسوي، بخبرته القضائية وسرده التحليلي، قدّم دفاعًا قانونيًا عميقًا ضد الاتفاقية، مُعيدًا الملف إلى جذوره: قرار مجلس الأمن 833 لسنة 1993، الذي جاء تتويجًا للهزيمة العراقية في حرب الخليج الثانية. وبحسب القاضي، فإن ما جرى من ترسيم للحدود بين العراق والكويت لم يكن ناتجًا عن اتفاق ثنائي أو حكم قضائي دولي، وإنما عن قرار قسري أممي فُرض على العراق وهو في وضع هشّ وسيادة منقوصة، يرزح تحت الحصار وتحت طائلة التهديد العسكري المستمر.

 

القبول تحت الإكراه: طعن في الشرعية

يرتكز جوهر الاعتراض القانوني على الاتفاقية في أنها، وإن أُبرمت لاحقًا في ظروف أكثر استقرارًا نسبيًا، إلا أنها تستند إلى قرار أممي يرى فيه الكثيرون أنه صدر في سياق دولي غير متكافئ، وتحت تهديد واضح.

 

وبحسب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، فإن الاتفاقيات التي تتم بالإكراه أو التهديد العسكري تُعد باطلة قانونًا. وعليه، فإن قبول النظام السابق للترسيم لا يُلزم الدولة العراقية حاليًا، ما دام قد تم في ظرف قهري.

 

بل إن المثير في هذا السجال هو أن الاعتراض لا يقتصر على السيادة السياسية، بل يمتد إلى البنية الدستورية ذاتها. إذ يربط القاضي الموسوي – ومعه قطاعات واسعة من العراقيين – بين إقرار اتفاقية الخور، وبين الاعتراف الضمني بالحدود المرسّمة قسرًا، وبالتالي التفريط بأراضٍ عراقية كانت تحت السيادة الوطنية قبل 1991.

 

القضاء في قلب العاصفة

وفي خضم هذا الرفض الشعبي، فاجأت المحكمة الاتحادية العليا الجميع بقرارها عام 2023 القاضي بعدم دستورية التصديق البرلماني السابق على الاتفاقية، باعتباره قد تم بأغلبية بسيطة، وليس بأغلبية الثلثين كما يفترض في المعاهدات الدولية. هذا القرار اعتُبر انتصارًا للمعترضين، لكنه فتح في الوقت نفسه بابًا واسعًا من التبعات القانونية.

 

رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، حذر بشدة من أن قرار المحكمة قد يؤدي إلى "نسف" أكثر من 400 اتفاقية دولية عقدها العراق بعد 2003، تمت المصادقة عليها بالأغلبية البسيطة. وفي مقاله التحذيري، وصف قرار المحكمة بأنه "يتجاوز مبدأ حجية الأحكام القضائية" ويُدخل البلاد في فراغ تشريعي ويُربك علاقاتها الدولية.

 

صراع سلطات أم دفاع عن السيادة؟

يطرح الخلاف بين المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى سؤالًا جوهريًا: هل تحرك القضاء بدافع وطني لحماية السيادة، أم أنه قفز على قواعد الاستقرار القانوني وأحدث ارتباكًا مؤسساتيًا قد تكون له تبعات دولية خطيرة؟

 

بينما يرى زيدان أن العدول عن قرار سابق يمثل خرقًا لنصوص قانونية وإجرائية، يعتبر المعارضون أن المصلحة الوطنية والسيادة لا تقل أهمية عن الاستقرار القانوني، بل تسبقه. وأن العراق، إن سلّم بشرعية الترسيم السابق، يكون قد أقر فعليًا بأن السيادة يمكن التنازل عنها بفعل قرارات أممية جائرة، وهذا ما ترفضه الشعوب الحرة.

 

السيادة ليست ورقة تفاوض

المثير في الملف أن الشارع العراقي دخل على الخط بقوة، رافضًا الاتفاقية باعتبارها امتدادًا للترسيم المجحف، لا باعتبارها قضية إدارية أو ملاحية فحسب. وهذه الغضبة الشعبية دفعت السلطة التنفيذية إلى سحب الدعوى، وأجبرت مجلس النواب على تجميد التصويت، في موقف نادر من الانسجام بين الشارع ومؤسسات الدولة.

 

ويبدو أن الشعب العراقي، الذي خبر مرارة الاحتلال والإرهاب، وأثبت قدرته على استعادة الأرض من تنظيم داعش، لا يقبل أن يخسر شبرًا من أرضه اليوم، باسم "الالتزامات الدولية" أو "استقرار الاتفاقات". فالشعوب لا تنسى، والسيادة لا تُقسط، ولا تُرهن، ولا يُعتد فيها بما قُبل تحت السلاح أو الإكراه.

 

بين القانون والمستقبل

إن اتفاقية خور عبد الله أصبحت الآن أكثر من مجرد وثيقة بحرية لتنظيم الملاحة. إنها اختبار لمدى قدرة الدولة العراقية على التوفيق بين التزاماتها الدولية وحقوقها الوطنية. ومهما كانت النتيجة القانونية، فإن الحقيقة تبقى: لا يمكن بناء دولة ذات سيادة، دون مراجعة عادلة لما فرضه التاريخ في زمن الضعف.

 

ولهذا، فإن المطالبة بإعادة النظر بقرار مجلس الأمن 833، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، ليست تهديدًا للدبلوماسية، بل وسيلة حضارية لتصحيح ظلم تاريخي، يُصر العراقيون على أنه لا يمثلهم، ولا يُلزمهم، ولا يُمكن أن يُمنح شرعية باسم "الواقعية السياسية".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أخبار مشابهة

جميع
تبدّل معادلات السنة والأكراد: سباق على بوابة السلطة.. كيف تخوض القوى العراقية معركة كسر العظم لتحديد هوية رئيس الوزراء المقبل

تبدّل معادلات السنة والأكراد: سباق على بوابة السلطة.. كيف تخوض القوى العراقية معركة...

  • 4 كانون الأول
من ترشيح ترامب لنوبل إلى وصم المقاومة بالإرهاب.. قرارات حكومة السوداني تفجر صدمة وطنية وتهدد هوية العراق

من ترشيح ترامب لنوبل إلى وصم المقاومة بالإرهاب.. قرارات حكومة السوداني تفجر صدمة وطنية...

  • 4 كانون الأول
برلمان عائلي لا تشريعي: مناصب عليا لأقارب المشهداني والمندلاوي وشاخوان!

برلمان عائلي لا تشريعي: مناصب عليا لأقارب المشهداني والمندلاوي وشاخوان!

  • 3 كانون الأول

شبكة عراقية اعلامية

  • الرئيسية
  • مقالات
  • فيديو
  • كاريكاتور
  • إنفوغراف
  • سياسة الخصوصية

جميع الحقوق محفوطة