بالتزامن مع نوايا العودة للعمل السياسي.. الصدر يحشد أتباعه لإعادة إحياء مراسم ذكرى استشهاد والده وينتقد المُغالين
انفوبلس..
في مثل تلك الأيام من العام الماضي، ألغى زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر مراسم إحياء ذكرى استشهاد والده السيد محمد محمد صادق الصدر بسبب الضجة التي سبّبتها مجموعة يسمُّون أنفسهم "أصحاب القضية" ويؤمنون بأن السيد مقتدى هو الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، ولكنه عاد في هذا العام لتحشيد أتباعه بهدف استذكار الشهيد الثاني منتقداً "المُغالين" منهم، في إشارة عدّها مراقبون أنها تستهدف عنف الصدريين ضد منتقدي التيار، في وقت بدأ فيه الصدر بالعمل على العودة إلى الساحة السياسية بعد مقاطعتها لأكثر من سنتين.
إيقاف مراسم العزاء
وقرّر الصدر، في 12/5/2023، إلغاء مراسم العزاء في ذكرى اغتيال والده محمد صادق الصدر بالنجف، وإغلاق مرقده لخمسة أيام.
وقال الصدر في تسجيل صوتي: "لستُ ممن ينكر فضل المحبين والمطيعين والمخلصين فأنا لازلت لهم محباً ومخلصاً وخادماً فهذا ما أُدّبنا عليه من قبل أباءنا وأجدادنا (قدس الله أسرارهم) إلا أنني أخاف عليهم يوماً عبوساً قمطريرا. أخاف عليهم وأريد أن يقيهم ربهم شر ذلك اليوم ويلقيهم نظرة وسروراً ولا أريد إلا أن أُبرئ نفسي وأبرئ المخلصين من أفعال الشواذ والمفسدين وذوي العقائد المنحرفة ممن يدعون لنا آل الصدر أو يدعون بأنني الامام المهدي وأن ذلك زوراً مَن القول باطلا خطيرا".
وتابع: "فما أنا إلا مقتدى بن محمد بن محمد صادق بن محمد مهدي بن إسماعيل الصدر وما أنا إلا خادم لشسعة نعلَي الامام المهدي (عج) ولا أدّعي ذلك وما كان لي أن ادّعي ذلك أو يدَّعو لي ذلك أي أحد على الإطلاق ولم أدّعي لنفسي قدسيةً أو اجتهادا او زعامة فما أنا إلا آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر وإلا فإن أفضل عقوبة لمثل هؤلاء الشرذمة المنافقين هو حرمان الجميع من إقامة مراسم العزاء في ذكرى استشهاد السيد الوالد قُدست نفسه الطاهرة لهذا العام".
وأضاف: "ليكون من آل الصدر عموما ومني خصوصا ومن المخلصين لنا آل الصدر إعلانا للبراءة منهم ومن وجودهم بيننا ومن ادعاءاتهم حبنا آل الصدر فإنني كأمين عام للمرقد الشريف أوقف جميع مراسم العزاء في النجف الاشرف وإلغاء الزيارة وغلق مرقد السيد الشهيد لمدة 5 أيام فلا يحضر أحد منكم الى النجف الإشرف والزيارة".
إعادة المراسم
ومع اقتراب الذكرى، دعا السيد الصدر أتباعه إلى إحياء مراسمها، وذكر في منشور له على موقع "أكس": في العام الماضي وبسبب الملعونين (أصحاب القضية) والذين أبرأ منهم أمام الله ورسوله وأهل بيته وأمامكم أيها الأحبة، قد منعت الزيارة، أما في هذا العام فأهلاً وسهلاً بكم.. وأسأل الله أن يجمعني وإياكم في إحياء مراسم الزيارة بعد أن كنت في العام الماضي وحيداً، فلا تقصروا في ذلك كما عهدناكم رجالاً ونساء وصغاراً وكباراً. والتزموا النظام والوقار وأعلنوا الحزن والحداد بما يرضي الله تعالى ومرجعكم الشهيد.
وأضاف: فكل ذلك يزعج البعثيين والمحتلين والإرهابيين والفاسدين وأصحاب الفكر المنحرف الذين يدَّعون أني المصلح الأمين وما أنا إلا خادم للإصلاح والصلاح اقتداء بسيد الإصلاح والمصلحين أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وظهر زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، في خطاب جديد بعد غياب استمر عدة أشهر، وقال في خطاب وجهه لأنصاره الذين تجمعوا في النجف، أمس السبت، عشية ذكرى اغتيال والده محمد صادق الصدر، إن "الطاغية الملعون أو أحد أبنائه الملعونين هو من أمر بقتل السيد الشهيد محمد الصدر".
كما اوضح الصدر، إن "بعض المناوئين للصدر كانوا سبباً بمقتله وهم من خارج العراق شرقاً وغرباً وعلى وجه الخصوص من اتهموه بالعمالة والخيانة".
وطلب الصدر من أنصاره ترديد شعارات "كلا كلا امريكا .. كلا كلا اسرائيل".
وطالب الصدر من التيار الشيعي الوطني بـ"الوحدة وإبعاد الفاسدين"، وقال، "لا تتفرقوا فيما بينكم ولا تقربوا الفاسدين".
واضاف: "المناوئون للسيد الشهيد والمغالون بحبه والقائلون بإمامته هم سبب بقتله أيضا".
عودة للسياسة
في تقرير صحفي أعدَّته وكالة رويترز، قالت مصادر متعددة إن الصدر يمهد الطريق لعودته إلى المشهد السياسي بعد عامين من فشل محاولته تشكيل حكومة بدون منافسيه الشيعة.
ويقول مراقبون إن عودته، المزمعة على الأرجح في الانتخابات البرلمانية عام 2025، ربما تهدد النفوذ المتزايد للمنافسين، ومنهم أحزاب شيعية، وتقوض الاستقرار النسبي الذي شهده العراق في الآونة الأخيرة.
وتحدثت رويترز خلال إعداد هذا التقرير مع أكثر من 20 مصدرا منهم ساسة شيعة من التيار الصدري وأحزاب منافسة ورجال دين وسياسيين في مدينة النجف الأشرف ومسؤولين حكوميين ومحللين. وتحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية الموضوع.
وقال نائب سابق عن التيار الصدري، "هذه المرة لدى التيار الصدري تصميم أقوى من ذي قبل على الفوز بعدد أكبر من المقاعد لتشكيل حكومة أغلبية"، رغم أن القرار النهائي للترشح لم يُتخذ رسميا.
وفاز التيار الصدري في الانتخابات البرلمانية عام 2021 بـ73 مقعداً، لكن الصدر أمر نوابه بالاستقالة، ثم أعلن في العام التالي الانسحاب بشكل نهائي من العملية السياسية في البلاد بعد أن أحبطت أحزاب العملية السياسية العراقية محاولته تشكيل حكومة أغلبية وفق رؤيته فقط.
وبحسب التقرير، تعتبر إيران، مشاركة الصدر في الحياة السياسية، مهمة للحفاظ على النظام السياسي في العراق على المدى الطويل، على الرغم من أن طهران ترفض تطلعاته إلى الاعتراف به كقوة مهيمنة منفردة.
وترى الولايات المتحدة، التي حاربت مسلحين موالين للصدر بعد أن أعلن "الجهاد" ضدها في عام 2004، في الصدر تهديدا لاستقرار العراق الهش، لكنها تعتبره أيضا أداة لمواجهة النفوذ الإيراني، وفقا لرويترز.
وحول اجتماع الصدر بالسيد السيستاني، قالت ستة مصادر من التيار الصدري إن الصدريين يفسرون اللقاء الذي جرى في 18 مارس مع المرجع الأعلى، الذي ينأى بنفسه عن المشهد السياسي المعقد ولا يلتقي عادة بالسياسيين، على أنه تأييد ضمني.
وقال رجل دين مقرب من السيد السيستاني إن الصدر تحدث عن عودة محتملة إلى الحياة السياسية والبرلمان وخرج من هذا الاجتماع المهم "بنتيجة إيجابية". ولم يرد مكتب المرجعية على طلب للتعليق من قبل رويترز.
وبعد أيام من الاجتماع، دعا الصدر نواب الكتلة الصدرية الذين استقالوا عام 2021 لتجميع صفوفهم والتواصل مجددا مع القاعدة السياسية للتيار.
وقال مصدر مقرب منه إن الصدر أعاد بعد ذلك تسمية التيار ليحمل اسم "التيار الوطني الشيعي"، في انتقاد مُبطن للفصائل الشيعية المنافسة التي يعتبرها غير وطنية، وكذلك في محاولة لحشد قاعدته الشعبية الشيعية.
وفي حين يخشى بعض المحللين حالة من الارتباك جراء عودة الصدر إلى المشهد السياسي، يقول آخرون إنه قد يعود أكثر تواضعا بسبب هزيمة أنصاره خلال مواجهات مسلحة مع فصائل شيعية منافسة، وكذلك النجاح النسبي الذي حققته حكومة بغداد الحالية، بما في ذلك موازنة العلاقات مع إيران والولايات المتحدة.
وقال حمزة حداد، وهو محلل عراقي وزميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "بالطبع، يزيد دائما خطر الاضطرابات عندما يزيد عدد الفصائل في عملية توازن السلطة، خاصة عندما تكون مسلحة. لكن على الصدريين أن يعودوا بشكل أقل عدائية".
وأضاف "الفصائل السياسية تعلم أنه من الأفضل تقاسم السلطة بدلا من خسارتها بالكامل".
وقال سياسي بارز من الصدريين إن التيار قد يسعى إلى التحالف مع بعض الجهات الشيعية، مثل رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، الذي يحظى بشعبية كبيرة، مع استبعاد آخرين بما في ذلك منافسه اللدود، الشيخ قيس الخزعلي.
وقال مستشارون للسوداني إن رئيس الوزراء يبقي خياراته مفتوحة.
وذكر السياسي الصدري "هناك فصائل في الإطار تربطنا بها علاقات طويلة الأمد ويمكن أن نتحالف معها قبل الانتخابات أو بعدها. ما لا نقبله هو الدخول في اتفاقات مع الفصائل الفاسدة".