برلمان متعثر.. صراعات وخلافات تعرقل التشريعات وتؤخر القوانين وأزمات متلاحقة
غضب شعبي متزايد وانتقادات واسعة
برلمان متعثر.. صراعات وخلافات تعرقل التشريعات وتؤخر القوانين وأزمات متلاحقة
انفوبلس/..
لم يشهد العراق في تاريخه الحديث برلمانًا أكثر جدلًا وتعثرًا من الدورة النيابية الخامسة، حيث باتت السِّمة الأبرز لهذا المجلس هي العجز عن أداء دوره التشريعي والرقابي، والانشغال بصراعات سياسية ضيّقة حالت دون تحقيق أي إنجاز يُذكر. فرغم مرور أكثر من عامين على تشكيله، لا تزال القوانين المهمة والمصيرية معلقة، فيما تغيب القرارات الحاسمة التي ينتظرها المواطنون بفارغ الصبر.
التعثر في إقرار القوانين لم يكن نتيجة لغياب المبادرات أو قلة المشاريع المطروحة، بل كان انعكاسًا مباشرًا لحالة الانقسام السياسي التي عصفت بالمجلس منذ بداية ولايته. فالأحزاب والكتل الكبرى باتت تستخدم التشريعات كورقة ضغط ومساومة، ما جعل الجلسات البرلمانية أشبه بساحة معارك سياسية، بدلًا من أن تكون منصة لصياغة القوانين التي تخدم الدولة والمجتمع.
*خلافات
يقول النائب المستقل، وعضو جبهة نواب الوسط والجنوب، رائد المالكي، إن “تعطيل جلسات البرلمان هو بسبب خلافات حول إقرار بعض القوانين، وهذا أمر لا يجب استمراره”.
ويضيف المالكي، إن “النواب متواجدون في مبنى البرلمان، ولكن لا يدخلون للجلسات التي لم تُعقَد”. مبينا، إن “عمر مجلس النواب بدأ بالعد التنازلي ويجب حسم القوانين المهمة المطروحة خلال هذه الدورة، لما فيها من حقوق يجب الإيفاء بها للمشمولين بها”.
ويتابع، إن “هذه السنة الرابعة والأخيرة من عمر البرلمان، والقوانين المتبقية هي قانون خدمة وتقاعد الحشد الشعبي وقانون الخدمة المدنية وسلم الرواتب، إضافة لقوانين موجودة في لجان التعليم العالي والقانونية والصحة والبيئة”.
ويؤكد، إن “مختلف الشرائح تنتظر من البرلمان عمل جاد لحسم القوانين المتأخرة ولعل من أهمها هو ضرورة التصويت على نظام المحاولات للطلبة وقوانين تخص عمل النقابات، وهي جميعها مهمة ولا يجب تعطيلها بطريقة عدم الحضور ودخول القاعة، بل يجب عقد الجلسات وإبداء الآراء”. مؤكدا، إنه “يمكن للمعترضين المطالبة برفع أي فقرة من جدول الاعمال وهي طريقة أفضل من تعطيل الجلسات بالكامل”.
ويعتبر المالكي، إن “تعطيل عمل البرلمان لا يجب استمراره من قبل كتل سياسية معينة هنا وهناك، وعلى رئاسة البرلمان اتخاذ إجراءات بحق المتغيبين حسب النظام الداخلي لإعادة الجلسات للانتظام". مؤكدا، إن “التصويت يجب أن يتحول للإلكتروني وهو أمر بغاية الأهمية لحسم الجدل الحاصل في التصويت على القوانين والتشكيك بالأعداد المصوِّتة”.
ويحمّل النائب، رئاسة البرلمان “مسؤولية ما يحصل ويجب اتخاذ موقف حاسم إزاء ما يجري من تعطيل متعمّد لانعقاد الجلسات”.
*طريقة لا يجب تكرارها
من جانبه، يبين عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد الخفاجي، أن “هناك فقرات وقوانين مهمة جرى تأخيرها ورفع الجلسة التي تحددت في اليومين الماضيين لعدم تحقق النصاب، وهذه الطريقة لا يجب استمرارها”.
ويؤكد الخفاجي، أن “تعطيل الجلسات مستمر رغم أن الجميع يعلم بأن الاعتراض أو كسر نصاب الجلسات يستوجب الحضور وعدم دخول الجلسة، وليس التغيب وعدم الحضور للمجلس أصلا لأنه يمكن رفع الفقرة المُعترَض عليها أو تتم إضافة الفقرة المطلوبة لتمضي الجلسة بسلاسة وتُناقَش بقية فقراتها”.
ويعبّر عضو اللجنة “عن أسف كبير لما يحصل في المجلس، حيث يجب على الشعب معرفة وفرز الجهات التي تعطل القوانين والجلسات بشكل عام والتأثير على العمل الرقابي والتشريعي لمجلس النواب”.
*حلبة لتصفية الحسابات
واعتبر سياسيون أنه بعد تمريره القوانين الجدلية الثلاثة بات البرلمان مجرّد حلبة لتصفية الحسابات السياسية و منبرا للدفاع على المصالح الضيقة والرؤى الفئوية. وانتقد النائب عن كتلة الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، ضعف الفصل التشريعي الحالي لمجلس النواب العراقي، مشيراً إلى عدم اكتمال النصاب في عدة جلسات وتعطيل إقرار العديد من القوانين المهمة.
وقال شنكالي في تصريحات صحفية، إن "الفصل التشريعي الحالي لمجلس النواب بدأ بشكل ضعيف جداً، وليس بالمستوى المطلوب".
وأضاف، إنه "إذا كانت رئاسة مجلس النواب غير قادرة على إكمال النصاب وانعقاد الجلسات لإقرار القوانين المهمة، فيجب عليهم اتخاذ إجراءات بديلة بدلاً من تأخير انعقاد الجلسات".
ولم تشهد الدورة الحالية لمجلس النواب العراقي حتى الآن، سوى عدد محدود من الاستضافات كاستضافة وزيرَي الداخلية والاتصالات، وهذا يعتبر قليلاً مقارنة بالدورات الأربع الماضية للبرلمان، التي شهدت الكثير من الاستضافات للوزراء.
وتابع شنكالي، إن "ما نراه الآن لا يستحق أن يُسمى العمل الرقابي والتشريعي لمجلس النواب"، محذرًا من أن "استمرار الوضع على هذا النحو قد يدفع رئاسة المجلس وأعضاء البرلمان لإنهاء العمل والذهاب إلى الانتخابات".
وصادقت رئاسة الجمهورية، في 13 شباط/ فبراير الجاري، على القوانين "الجدلية" الثلاثية (قانون العفو العام، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، وقانون إعادة العقارات لأصحابها في كركوك)، التي أقرّها مجلس النواب في 21 كانون الثاني/ يناير الماضي، والتي أحدثت ضجة كبيرة داخل الأوساط السياسية والشعبية.
وجاء التصويت على هذه القوانين بعد أشهر من الخلافات بين الكتل السياسية، والاعتراضات من قبل المتخصصين والمنظمات المدنية، دفعت لإلغاء العديد من الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات حولها.
إلى ذلك، قال النائب محما خليل في تصريح تابعته شبكة انفوبلس، إن “مجلس النواب لم يكن موفقاُ في أدائه خلال دورته الحالية، التي تُعد أسوأ الدورات التي مَرَّ بها البرلمان طيلة السنوات الماضية”.
وأضاف، إن “المجلس لا يمارس دوره الرقابي والتشريعي بالشكل المطلوب، وحسب ما يتمنى الشعب، خصوصا أنه ما زال ينتظر تشريع القوانين ومتابعة السلطة التنفيذية والتصويت على القوانين المهمة التي من شأنها خلق فرص عمل للشباب”.
وبين، إن “هناك حاجة لإحالة النواب المتغيبين الى السلوك النيابي وفق النظام الداخلي للمجلس، والمجيء بنواب جدد في حال تكرار تغيُّب النواب عن حضور جلسات المجلس، والوقوف على أسباب عدم الحضور”.