توضيحات هامة لمرحلة حساسة.. بين السياسة والسيادة.. العسكري يضع النقاط على الحروف
انفوبلس..
في خضم التحديات الكبيرة التي تمر بها البلاد خلال هذه الفترة سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي، وفي مجالات السياسة والأمن والاقتصاد، أبدت المقاومة الإسلامية في العراق متمثلةً بكتائب حزب الله موقفها من عدة نقاط وضّحت فيها بدقة ما يجب أن تسير عليه الأمور.
بيان العسكري.. موقف المقاومة
وقال المسؤول الأمني في المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله أبو علي العسكري في بيان له، إن "الأحداث المتسارعة، والمواقف المتخاذلة، والتحديات الجسيمة التي تواجه شعبنا العزيز وشعوب المنطقة، تحتم علينا الوقوف بمسؤولية ودون مواربة، وبما يخدم قضايانا المحورية التي تتعلق بالسيادة، وإخراج قوات الاحتلال من البلد، ومحاسبة المتورطين بدماء قادة النصر، وسرّاق أموال الشعب".
وحول دعوة الجولاني لقمة بغداد، رأى العسكري أن "القمم العربية كانت تُعقد دون حضور الرئيس الأسد، ودون العراق أو ليبيا. وهي لن تتوقف قطعاً بسبب عدم حضور المدان (أبو محمد الجولاني) زعيم جبهة النصرة الإجرامية".
وأضاف: "نحن مع فتح الحدود العراقية السورية بشكل جزئي لغرض التجارة وتبادل الزيارات للعتبات المقدسة، لما في ذلك من فائدة للشعب السوري الشقيق".
أما بشأن الاحتلال الأمريكي ووجوده وجرائمه، قال العسكري: "على الحكومة العراقية أن توضح بأسرع وقت آليات جدولة انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من العراق، وإلا فإن ما جرى من اتفاقات بينها وبين العدو الأمريكي سيعد مجرد حبر على ورق".
وأكد، إن "جرائم الأمريكان التي يرتكبونها بحق الشعب اليمني ودعمهم اللامحدود للكيان الصهيوني، الذي شارك في إبادة الشعب الفلسطيني وقتل اللبنانيين والسوريين، لن يحقق لهم وللكيان الصهيوني الأمن، وسيدفعون الأثمان الباهظة عاجلا غير آجل".
ومع اقتراب الانتخابات النيابية ووجود حراكات مشبوهة لبعض القوى السياسية من بينها محاولة زجّ رئيس الوزراء السابق (سيئ الصيت) مصطفى الكاظمي في العملية السياسية مرة أخرى، شدد العسكري على أن "(كاظمي) الغدر متورط بجرائم كبيرة وكثيرة وعلى رأسها جريمة قتل قادة النصر، والتآمر على البلاد، وسرقة مليارات الدولارات والتورط بجرائم تزوير فعلى من يعمل على تدويره، أن يخجل من نفسه، بل الأكثر استغراباً أن يسعى البعض لإعادته، مبررين ذلك بأنه من رعايا دولة بريطانيا".
أما بشأن أبرز أحداث المنطقة هذه الأيام، قال العسكري: "التفاوض الإيراني الأمريكي غير المباشر شأن خاص بالجمهورية الإسلامية ونأمل أن تسير الأمور إلى خير وإن كنا نشك في ذلك)".
سلط بيان العسكري الضوء على العديد من الملفات الهامة في هذه المرحلة، وتفصّل شبكة "انفوبلس" أبرزها في التقرير الآتي.
دعوة الجولاني
في الأيام الأخيرة، لاحقت الانتقادات "اللاذعة"، رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بعد توجيه دعوة رسمية إلى رئيس النظام السوري المدان بالإرهاب أبو محمد الجولاني، لحضور القمة العربية التي تستضيفها العاصمة بغداد في أيار/ مايو المقبل.
ولا يستبعد مراقبون للشأن السياسي حضور الجولاني في قمة بغداد المرتقبة، وذلك لأن الدعوة الرسمية توجهت له حسب البروتوكولات المعمول بها في الجامعة العربية، وبغداد ودمشق ستتفقان في النهاية على طبيعة المشاركة السورية في القمة.
وتشهد الدعوة رفضا شعبيا وسياسيا كبيرا على جميع المستويات.
وبحسب حديث عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية وعد القدو، فإن تصريحات رئيس الوزراء محمد السوداني في مؤتمر السليمانية للحوار كانت غير موفّقة في الجانبين سواء على مستوى دعوة الرئيس السوري وترحيبه به وكذلك إعلانه من هذا المكان ترشيحه الى الانتخابات". وأضاف أن "المفترض أن لا يستخف بمشاعر العراقيين، حيث إن دعوة الشرع هي استفزاز للعراقيين ولأمهات الشهداء والثكالى".
في حين توضح النائبة زهرة البجاري أن "أبو محمد الجولاني لا يزال متهماً بملفات إرهاب ثقيلة، وهو المسؤول المباشر عن مقتل آلاف المدنيين العراقيين جراء نشاطه الإجرامي خلال سنوات الإرهاب الدموي، والعراق لن ينسى من سفك دماء أبنائه وتسبب بمآسٍ لا تُنسى، حيث إن الجولاني، وعلى الرغم من محاولته الظهور بمظهر القائد السياسي، إلا أن عقليته الإرهابية لا تزال تتحكم بتحركاته وأهدافه، وهو يتحرك ضمن بيئة سورية تعاني من فوضى أمنية وسياسية، ما يجعلها حاضنة مثالية لعودة الإرهاب مجدداً"، لافتة الى ان "صمت المجتمع الدولي إزاء تحركات شخصيات إرهابية كالجولاني، قد يعيد العراق إلى أجواء العنف والفوضى"، مشددة على "ضرورة اتخاذ موقف عراقي ودولي حازم لمنع عودة الإرهاب بوجوه جديدة".
أما النائب السابق حسن فدعم، فقد أكد أن "تصرف السوداني يوم أمس، غير منطقي ويجرح مشاعر الملايين من العراقيين الذين وقفوا إلى جانب الدولة وقاتلوا ودعموا القوات الامنية ضد داعش"، متسائلا: “كيف يرحب بالجولاني وهو متسبب بالكثير من المآسي للعراقيين". وتابع أن "السوداني تسبب بجرح مشاعر العراقيين، وأنا شخصيا غير راضي عن تصريحات السوداني وأنا ابن الحشد والساتر"، متابعا بالقول: "ماذا نقول للشهداء يوم القيامة؟".
وفي السياق ذاته، يقول النائب عن ائتلاف دولة القانون ثائر مخيف إن "توجيه دعوة لأي جهة مرتبطة بأبي محمد الجولاني يمثل استخفافًا بتضحيات العراقيين"، مؤكدًا أن "غالبية الأسماء التي تدور في فلك الجولاني متورطة بجرائم ضد الإنسانية، ومطلوبة للعدالة الدولية"، مطالبا النائب الجهات العراقية المعنية باتخاذ موقف وطني صريح يتناسب مع حجم الكارثة التي عاشها الشعب العراقي بفعل الجماعات الإرهابية التي قادها الجولاني وغيره.
الوجود الأمريكي
تشير تقارير سياسية ومعلومات استخباراتية إلى أن الولايات المتحدة قد تخطط لإعادة سيناريو 2014 في العراق، حيث استخدمت ظهور عصابات داعش كذريعة للعودة عسكريًا بعد انسحابها عام 2011.
وبينما يقترب موعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق تثار الشكوك حول نوايا واشنطن في إيجاد مبررات جديدة لتمديد وجودها العسكري تحت ستار مكافحة الإرهاب.
في عام 2011 انسحبت القوات الأمريكية رسميًا من العراق تنفيذًا للاتفاقية الأمنية المبرمة مع بغداد إلا أن التطورات اللاحقة لا سيما صعود عصابات داعش في 2014 منحت واشنطن فرصة للعودة مجددًا بحجة محاربة التنظيم الإرهابي ورغم هزيمة داعش عسكريًا استمرت الولايات المتحدة في الإبقاء على قواعدها العسكرية داخل العراق مبررة ذلك بضرورة مواجهة بقايا التنظيمات المتطرفة.
ومع اقتراب الموعد المتفق عليه لسحب القوات الأمريكية بالكامل من العراق تزداد المؤشرات على أن واشنطن قد تلجأ إلى تكتيك مماثل لما حدث سابقًا حيث تعمل على خلق بيئة غير مستقرة أمنيًا من خلال دعم جماعات مسلحة متطرفة أو الترويج لوجود تهديدات إرهابية جديدة وتشير مصادر سياسية عراقية إلى أن واشنطن تحاول الضغط على الحكومة العراقية لإبقاء قواتها عبر تضخيم المخاوف الأمنية وتقديم الدعم غير المباشر لجماعات متطرفة بهدف استخدامها كأداة لتمديد وجودها العسكري.
وحول الموضوع يقول المحلل السياسي إبراهيم السراج، إن واشنطن تخطط لإعادة سيناريو داعش لضمان وجودها في العراق.
وقال السراج إن "الولايات المتحدة لا تحترم الاتفاقيات المبرمة مع الدول الضعيفة وتسعى باستمرار لانتهاك سيادتها وفرض هيمنتها عليها".
وأضاف أنه "مع اقتراب موعد خروج القوات الأميركية من العراق، وفقًا للاتفاق المبرم بين بغداد وواشنطن ستعمل الولايات المتحدة على اختلاق ذرائع متعددة للبقاء كما حدث في عام 2011 عندما انسحبت ثم عادت تحت ذريعة محاربة تنظيم داعش".
وأشار إلى أن "واشنطن نفسها هي من صنعت داعش، ثم استخدمته مبررًا للعودة إلى العراق"، متوقعًا أن " تتبع الأسلوب ذاته مع اقتراب موعد انسحابها نهاية العام الحالي، حيث قد تلجأ إلى اختلاق ذريعة جديدة تبرر استمرار وجودها العسكري على الأراضي العراقية".
إن استمرار القوات الأمريكية في العراق يحمل العديد من المخاطر أبرزها انتهاك السيادة الوطنية حيث يعيق استمرار القواعد العسكرية الأمريكية استقلالية القرار العراقي ويؤثر على سيادته كما أن إعادة إنتاج الإرهاب تبقى احتمالية قائمة حيث تشير تجارب الماضي إلى أن وجود القوات الأجنبية قد يكون عاملًا في زيادة نشاط الجماعات المتطرفة بدلًا من القضاء عليها بالإضافة إلى تصعيد التوترات الإقليمية إذ قد يؤدي استمرار القواعد الأمريكية في العراق إلى توترات مع الدول المجاورة التي ترى في الوجود الأمريكي تهديدًا مباشرًا لأمنها.
وفي ظل المعطيات الحالية من المتوقع أن تحاول واشنطن الإبقاء على وجودها العسكري في العراق عبر ذرائع جديدة تحت غطاء محاربة الإرهاب ويبقى القرار النهائي بيد الحكومة العراقية التي تواجه تحديًا في الحفاظ على السيادة الوطنية ومنع إعادة سيناريو التدخل الأمريكي الذي شهدته البلاد في السابق.
عودة الكاظمي
طرحت عودة رئيس الوزراء العراقي السابق، مصطفى الكاظمي، إلى بغداد، بعد غياب دام أكثر من عامين منذ انتهاء ولايته عام 2022، ووسط مشهد سياسي متوتّر، طرحت تساؤلات حول الأهداف السياسية لهذه العودة، ولا سيما مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة.
ويكشف سياسي عراقي بارز أن الكاظمي جاء بناءً على طلب رسمي من قبل الحكومة الحالية، موضحاً، أن "هذا الطلب مردّه إلى مخاوف الحكومة من إدارة (الرئيس الأميركي، دونالد) ترامب، والتي تنظر إليها على أنها حليفة إيران ولا تستطيع نزع سلاح الفصائل، فيما الكاظمي يمكن أن يكون وسيطاً بينها وبين الولايات المتحدة".
ويضيف السياسي أن "حكومة محمد شياع السوداني بدأت تتحسّس الخطر القادم إلى العراق وهو لا محالة، لكنها أيضاً تسعى إلى فهم طبيعة هذا التهديد من خلال السياسيين المقرّبين من أميركا، خاصة بعد فقدانها الاتصال بكل المسؤولين الأميركيين". ويبيّن أن "اقتراح عودة الكاظمي خرج من الإطار التنسيقي، لكن من دون تبنٍّ مباشر، على رغم أن استقباله تمّ بطريقة استغربها الجميع ولم يسبق أن حصلت لأي سياسي سابق".
ووفقاً لقراءات مختلفة، فإن هذه العودة ليست مجرد زيارة، بل تأتي ضمن سياقات سياسية محلية وإقليمية معقّدة، وقد يكون من بين أسبابها الرئيسية، التحضير للانتخابات التشريعية. وبحسب مصادر عراقية، فإن الكاظمي يعتزم تشكيل قوة انتخابية جديدة تضم شخصيات مدنية وسياسية متعدّدة، ما قد يمهّد لعودته إلى الساحة السياسية بدعم من زعيم "التيار الوطني الشيعي"، مقتدى الصدر.
وكان الكاظمي خرج من العراق بعد نهاية ولايته التي امتدت من 7 أيار 2020 إلى 27 تشرين الأول 2022. وتعرّض لاتهامات من جانب فصائل المقاومة بالتواطؤ في اغتيال قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري الإيراني"، الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي"، أبي مهدي المهندس، في مطلع كانون الثاني 2020. وعلى رغم أن الكاظمي لم تصدر بحقه أيّ مذكّرات اعتقال، فإن بعض المقرّبين منه ملاحقون قضائياً بتهم في قضية "سرقة القرن"، والتي تتعلّق باختلاس 2.5 مليار دولار من الأمانات الضريبية. وعلى رغم كلّ ما تقدّم، يبدو أن الحكومة الحالية تسعى لاستثمار علاقة رئيس الوزراء السابق الوطيدة بواشنطن من أجل حل المشكلات الاقتصادية التي تواجه العراق، ولا سيما في ظل التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على النظام المصرفي العراقي.


