حاملاً ورقة بخمسة مطالب: وفد "الديمقراطي" في بغداد لرسم ملامح "عراق ما بعد الانتخابات"
انفوبلس/ تقرير
قبل خمسة أيام فقط من الموعد المحدد لعقد أولى جلسات البرلمان العراقي في دورته السادسة والمقررة في 29 كانون الأول 2025، تحولت العاصمة بغداد إلى ساحة حراك سياسي مكثف. يقود هذا الحراك وفد رفيع المستوى من الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي وصل حاملاً "حقيبة مطالب" تمثل خارطة طريق الإقليم للمرحلة المقبلة، في محاولة لفك شفرة تشكيل الحكومة الاتحادية وتوزيع المناصب السيادية قبل نفاد المهلة الدستورية.
تشكيلة الوفد: ثقل سياسي وتفاوضي
ترأس الوفد مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب، فاضل ميراني، في خطوة تعكس جدية الحزب في الوصول إلى تفاهمات نهائية. وضم الوفد شخصيات تتمتع بخبرة واسعة في دهاليز السياسة العراقية، من بينهم وزير الخارجية فؤاد حسين، ونوزاد هادي، وأوميد صباح، إضافة إلى رئيس ممثلية الإقليم في بغداد فارس عيسى. هذا التنوع يهدف إلى تغطية الملفات الدبلوماسية، القانونية، والمالية العالقة.
يُذكر أن اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني قررت في اجتماعها الخميس الماضي تشكيل هذا الوفد للتفاوض مع الأطراف السياسية الأخرى في بغداد.
وبحسب حديث عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفا محمد، فإن الوفد الكردي المكلّف بالتفاوض مع القوى السياسية الشيعية والسنية شُكِّل بناءً على رؤية واضحة تهدف إلى ترسيخ الشراكة الوطنية واحترام الحقوق الدستورية للإقليم ضمن الدولة العراقية.
خمسة مطالب على طاولة "الشركاء"
وكشف محمد، عن ملامح "الورقة التفاوضية" التي يحملها الوفد، والتي تتلخص في خمسة نقاط جوهرية تمثل استحقاقات الإقليم الدستورية، وهي تشريع قانون النفط والغاز لإنهاء الجدل القانوني المستمر حول إدارة الثروة النفطية، وتفعيل المادة (140) المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها، وحصة الموازنة لضمان التدفقات المالية للإقليم دون ربطها بالتجاذبات السياسية، وكذلك تعديل قانون الانتخابات لضمان تمثيل عادل في الدورات المقبلة، وأيضا ملف توزيع المقاعد ومعالجة الاستحقاقات الانتخابية وفق النتائج الأخيرة.
بعد مصادقة المحكمة الاتحادية، تبرز لغة الأرقام كعامل حسم؛ حيث يتصدر ائتلاف الإعمار والتنمية بـ 46 مقعداً، يليه دولة القانون بـ 29، ثم الصادقون وتقدم بـ 27 مقعداً لكل منهما، بينما يمتلك الديمقراطي الكردستاني 26 مقعداً تجعله "بيضة القبان" في أي تحالف حكومي قادم.
جولة الاجتماعات: توافقات تحت سقف الدستور
وبحسب محمد، بدأ الوفد جولته أمس الثلاثاء، بلقاء رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، الذي أكد على أهمية تكثيف المشاورات لتلبية تطلعات العراقيين. ثم انتقل الوفد إلى اجتماعات مكثفة مع قادة الكتل الكبرى.
وأشار محمد إلى أن برنامج الزيارة بدأ بلقاء رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، ثم اجتماع مع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ثم لقاءات مع رئيس ائتلاف الإعمار والتنمية محمد شياع السوداني، ورئيس ائتلاف العزم مثنى السامرائي، إضافة إلى رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم، على أن تتواصل اللقاءات ضمن جولة تفاوضية موسعة.
وفي تفاصيل الاجتماعات، نقل بيان رئاسي عن رشيد تأكيده "أهمية تكثيف المشاورات بين القوى السياسية للإسراع في استكمال متطلبات تشكيل الحكومة الجديدة، بما ينسجم مع الاستحقاقات الدستورية والتوقيتات الزمنية المحددة، ويسهم في ترسيخ الاستقرار السياسي وتلبية تطلعات العراقيين".
كما أكّد السوداني أهمية توافق القوى الوطنية على رؤية موحدة لدعم مشاريع التنمية والبناء، بينما شدد المالكي على ضرورة التنسيق بين الكتل لتسريع تشكيل الحكومة وفق الدستور، مؤكداً أن أي تأخير قد ينعكس سلباً على الاستقرار السياسي والاقتصادي.
أما الحكيم، فرأى أن الالتزام بالتوقيتات الدستورية ضرورة لضمان استمرارية العملية السياسية، داعياً إلى اعتماد البرامج الإصلاحية معياراً للعمل الحكومي، وإدامة التفاهمات بين المكونات السياسية لضمان إدارة المرحلة المقبلة بسلاسة.
واليوم الأربعاء، التقى وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد، بزعيم تحالف الفتح هادي العامري. وكان الموضوع الرئيسي للاجتماع مناقشة نتائج الانتخابات البرلمانية السادسة وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
كما استقبل النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، اليوم الأربعاء ايضا، وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة فاضل ميراني، في إطار سلسلة اللقاءات السياسية الجارية لبحث تطورات المرحلة المقبلة والاستحقاقات الدستورية المترتبة على نتائج الانتخابات.
وتطرق اللقاء إلى ملف التوقيتات الدستورية المتعلقة بعقد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد في دورته السادسة، والتأكيد على الالتزام بالمواعيد الدستورية بما يفضي إلى استكمال الاستحقاقات الدستورية بسلاسة، وفي مقدمتها انتخاب رئاسة المجلس وتكليف الحكومة الجديدة.
وبحسب مصدر مسؤول داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني، فإن ورقة الوفد الديموقراطي الكردستاني إلى بغداد ضمت تذكيراً بالمطالب الكردية التي جرى التأكيد عليها في الدورات السابقة، باعتبارها مطالب دستورية وقانونية، وفي مقدمتها تشريع قانون النفط والغاز، وتطبيق المادة 140، وضمان حصة إقليم كردستان من الموازنة وفق الاستحقاق الدستوري، إضافة إلى تعديل أو تغيير قانون الانتخابات.
وأوضح أن الحزب الديمقراطي الكردستاني أرسل منذ يوم أمس وفداً تفاوضياً برئاسة فاضل ميراني إلى بغداد، حيث عقد الوفد سلسلة اجتماعات مع عدد من القوى السياسية، وواصل لقاءاته اليوم مع كل من هادي العامري وقيس الخزعلي، ومحسن المندلاوي، ضمن مفاوضات شملت أغلب الأحزاب السنية والشيعية.
وأكد أن الحزب الديمقراطي الكردستاني بات اليوم أكبر حزب على مستوى العراق، بعد حصوله على نحو مليون ومئة وثمانية آلاف صوت، ما يجعله الممثل الرئيسي للمكون الكردي وفق النتائج والاستحقاقات الانتخابية. كما شدد على أهمية الالتزام بالعرف السياسي القاضي بأن تكون رئاسة الجمهورية من حصة المكون الكردي، وليس من حصة حزب بعينه. مضيفاً أن مرحلة ما بعد الانتخابات تشهد تحركات سياسية مكثفة، حيث تقوم الأحزاب بتشكيل وفود تفاوضية من أجل حسم المناصب والمطالب السياسية.
وختم بالقول إن المفاوضات ستستمر لمدة يومين إلى ثلاثة أيام، على أن تتضح نتائجها بعد عودة الوفد التفاوضي إلى أربيل.
عقدة "رئاسة الجمهورية" والبيت الكردي
في موازاة حراك بغداد، يبقى "البيت الكردي" تحت المجهر. وأوضح وفا محمد أن المفاوضات مع الاتحاد الوطني الكردستاني، التي يقودها هوشيار زيباري، لم تصل بعد إلى اتفاق نهائي بخصوص منصب رئيس الجمهورية.
وفي تحذير سياسي مبطن، أشار محمد إلى أن "الديمقراطي" قد يضطر لتقديم مرشح خاص به للمنصب في حال فشل التفاهم مع الاتحاد الوطني، مشدداً على أن أي مرشح يقدمه الاتحاد يجب أن يحظى بموافقة الزعيم مسعود بارزاني لضمان وحدة القرار الكردي في بغداد.
من جانبه، أكد النائب ماجد شنكالي أن انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه في الجلسة المقبلة سيحدد "هوية" رئيس الحكومة القادمة. وأشار إلى أن الحزب شكّل وفدين منفصلين: أحدهما لبغداد والآخر لتشكيل حكومة الإقليم، مؤكداً أن النقاط الانتخابية ستلعب دوراً حاسماً في توزيع الحقائب الوزارية.
وتترقب الأوساط السياسية نتائج هذه اللقاءات، لما يمثله الحزب الديمقراطي الكردستاني من رقم صعب في معادلة تشكيل الحكومة وضمان استقرار التفاهمات بين أربيل وبغداد.
ووفق النظام المعمول به في العراق منذ 2003، فقد جرى العرف السياسي أن يكون منصب رئاسة البرلمان للعرب السنة، ورئاسة الجمهورية وهو منصب فخري للقوى الكردية، ورئاسة الحكومة للقوى الشيعية. لكن أياً من تلك الاستحقاقات لم يتم حسم مرشحيه، رغم مرور شهر ونصف على إجراء الانتخابات التشريعية العامة، وإعلان النتائج الرسمية لها.

