في مثل هذا اليوم.. صدام يدمّر صواريخ الصمود 2 ويبقي بعضها مانحاً الأمريكان حجّة لغزو العراق.. تعرف على القصة الكاملة
انفوبلس/..
خلال مقابلة معه أجرتها شبكة سي بي سي الأمريكية، أعلن رأس النظام البعثي صدام حسين، أنه لا ينوي تدمير صواريخ الصمود المحظورة كما طلبت منه الأمم المتحدة، وذلك وفق ما أعلنه الصحفي الذي أجرى مقابلة معه، حيث قال مراسل الشبكة دان رازر، إن صدام حسين نفى أن تكون هذه الصواريخ تشكل خرقا لقرارات الأمم المتحدة حول العراق، وأعلن أنه لا ينوي تدميرها ولا التعهد بتدميرها كما طلب منه كبير المفتشين الدوليين هانس بليكس.
بعد ذلك، اقترح صدام إجراء مناظرة تلفزيونية مباشرة مع الرئيس الأمريكي جورج بوش، وعلّق متحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان على ذلك بقوله، إن "هذا ليس جديا"، مضيفاً أنه "لا مجال للمناظرة حول ضرورة نزع الأسلحة العراقية، الأمر الجدي هو تحدّي صدام حسين المستمر لمجلس الأمن الدولي".
واضاف مراسل شبكة CBS، في اليوم نفسه الذي أعلن فيه كبير المفتشين الدوليين هانس بليكس، أن لا مجال للتفاوض حول ضرورة تدمير الصواريخ، رفض صدام حسين حتى الاعتراف بأن هذه الصواريخ تشكل خرقا لقرارات الأمم المتحدة، وكان بليكس قد بعث برسالة خطية إلى الفريق عامر السعدي، مستشار صدام حسين، طلب منه فيها أن تبدأ الحكومة العراقية بتدمير صواريخ الصمود-2 بإشراف مفتشي الأمم المتحدة.
أميركا: صدام منتهك لقرارات مجلس الأمن
وأعلن المستشار في ديوان الرئاسة العراقية، الفريق عامر السعدي، أن طلب كبير مفتشي لجنة المراقبة والتحقق والتفتيش (انموفيك) هانس بليكس، من العراق تدمير صواريخ الصمود-2 ربما جاء بضغوط سياسية، وليس بضغوط فنية فقط.
وجاء في رد أمريكي على التصريحات، من نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيليب ريكر، الذي قال بأنه حتى لو دمّر العراق صواريخه من نوع (صمود-2) التي يتجاوز مداها النطاق المسموح به من جانب قرارات الأمم المتحدة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستطالب وتؤكد بأن صدام مازال منتهكا لقرارات مجلس الأمن الدولي.
وذكر، أن مجلس الأمن الدولي قد أمر العراق بأن يدمّر صواريخ الصمود، ولكن سواء انتهى الأمر بأنهم دمروها أم لا، فإن العراق لم يُذعن للقرار 1441 لأن هذه الصواريخ كان يتعين ألا تكون موجودة في المقام الأول، وهذه الرسالة كان يجب أن تكون واضحة بالنسبة لصدام منذ عام 1991م.
وأضاف ريكر، أن كل قرارات مجلس الأمن الدولي منذ ذلك الوقت، أوضحت بجلاء أن صدام ينتهك ماديا الالتزامات التي وافق عليها بعد حرب الخليج، وصواريخ الصمود تحديدا تنتهك القرار 687 والقيود المفروضة من جانب نظام التفتيش السابق.
كونداليزا رايس
من جانبها، قالت مستشارة الرئيس الاميركي جورج بوش لشؤون الأمن القومي آنذاك كوندوليزا رايس، إنه في حال لم يقنع قرار دولي ثانٍ صدام حسين بأن عليه أن ينزع أسلحته، فسيكون النفي الحل الدبلوماسي الوحيد الذي سيتبقى له، لتحاشي اندلاع حرب، ولكن رايس اعتبرت خلال لقاء مع الصحافيين في البيت الأبيض أن مثل هذا الحل مستحيل.
وقالت رايس، إن البعض تحدث عن رحيله (صدام حسين) ولكن لا أعلم ما إذا كان ذلك ممكنا، ومن الصعب التصور طريقة أخرى غير القوة لنزع أسلحته، لأنه يرفض أن يفعل ذلك طوعا، وربما تكون هناك خيارات أخرى يريد البعض استكشافها ولكن الهدف هو نزع أسلحة صدام حسين، والتأكد من أنه لن يكون قادرا على تهديد السلام والأمن الدوليين، ولا يجوز أن يقبل العالم أي شيء آخر منه. مضيفة، إنه "من المستحيل التفاوض مع الإدارة العراقية".
الفرصة الأخيرة
الأول من آذار 2003 كان يوماً للفعل وليس للأقوال في أزمة الصواريخ، فقد اعتُبر الفرصة الطفيفة لصدام حسين لتفادي الحرب من خلال بدء تدميره لصواريخ الصمود 2 التي قيل إنها غير شرعية بواسطة الكثيرين، كما أنها اختبار لما إذا كان العراق جادا في نزع سلاحه، حيث أشار صدام إلى أنه في الواقع أرسل مهندسيه لتدمير الصواريخ وسحقها، مادامت تتجاوز المدى الذي تقرّه الأمم المتحدة وهو 150 كلم (93ميلا).
من جانبه، قال كبير مفتشي الأسلحة، هانز بليكس، إنه يعتبر الرغبة في تدمير الصواريخ "خطوة حقيقية لنزع السلاح ومهمة للغاية"، وبينما هللت فرنسا وروسيا لتقييم بليكس للخطوة العراقية بتدمير الصمود، قللت بريطانيا وأميركا من عرض صدام حسين، وقالتا إنه يعتبر لا شيء سوى مثال آخر من محاولاته خداع المجتمع الدولي.
بلير ممتعضاً: صدام لن يقدم تنازلات إلا بالقوة
رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، كان ممتعضاً من تصريحات بليكس العلانية الأخيرة، والتي تتناقض بشدة مع تقريره الأخير الذي قدّمه إلى مجلس الأمن، عندما قال إن مطالبة صدام حسين بنزع سلاحه، أحدثت فقط "نتائج محدودة" وكان الوزراء البريطانيون قلقين من تصريحات بليكس لأنها ستُربك الرأي العام وتفشل محاولات كسب دعم الدول لاستصدار قرار ثانٍ جديد من مجلس أمن الأمم المتحدة.
وقال بلير، في مؤتمر حزب العمل الويلزي، إنه "يجب على صدام وقف التلاعب وإقرار نزع السلاح، ويجب أن يغير مساره في الواقع قلبا وقالبا"، وجزم بلير على أنه حقيقة ملتزم بحل الأزمة من خلال الأمم المتحدة.
واستطرد رئيس الوزراء البريطاني: كل ما نصبو إليه الآن أن تعني الأمم المتحدة ما تقول وأن تفعل ما تقصد. وفي مدريد، التقى بلير رئيس الوزراء الاسباني جوس ماريا ازنار مشيرا إلى مقابلة الرئيس العراقي مع مراسل قناة (سي بي اس) الأميركية دان راشر الذي أوضح فيها صدام أنه ربما لا يدمّر صواريخه.
وأشار بلير إلى أن "اللحظة التي سمعتُ فيها صدام يقول إنه لن يدمر صواريخه كانت اللحظة ذاتها التي علمت فيها أخيرا في الأسبوع نفسه أنه أعلن - قبيل تصريحات بليكس - في الواقع تدمير تلك الصواريخ"، وأضاف بلير: "صدام لن يقدّم تنازلات بأية وسائل أخرى سوى التهديد بالقوة".
كان هناك تجرد في قرار صدام التخلص من صواريخ الصمود المقدّر عددها بنحو 100 إلى 120 صاروخا، والتي أقرّ بليكس أن آخر موعد مسموح به للتدمير هو الأول من مارس الجاري، ويلاحظ أن كل التنازلات التي عرضها صدام جاءت رويدا رويدا، حتى عندما كتب المسؤولون العراقيون إلى بليكس عارضين موافقتهم على مبدأ "التخلّص من الصواريخ" طلبوا سلسلة من الاجتماعات الفنية لمناقشة كيفية تدمير الصواريخ، إذ جاء في الرسالة التي بعث بها المستشار العلمي لصدام، الفريق عامر السعدي إلى بليكس "أن القرار بتدمير الصواريخ غير عادل ولم يأخذ في الاعتبار الحقائق العلمية المتعلقة بهذا الموضوع". وأضافت الرسالة: "أن توقيت هذا الطلب يبدو لنا ذا دوافع سياسية".
وقالت فرنسا - ربما كانت أكثر معارض علني داخل مجلس الأمن لاستصدار قرار ثانٍ مقدّم من أميركا وبريطانيا - إن العرض العراقي بشأن الصمود علامة تقدُّم ودليل على أن عمليات التفتيش آتت أكلها، حيث ذكر وزير الخارجية الفرنسي دومينيك ديفليبان أنه لا يوجد سبب لقطع نزع التسلح السلمي في العراق.
وأضاف، أن "القرار الثاني من الأمم المتحدة سيكون الخطوة الأولى نحو الحرب"، مشيراً إلى أن "ذلك ليس ما يرغبون فيه، لأنه مازال باستطاعتهم العمل من أجل السلام، وروسيا - التي تملك حق النقض مثل فرنسا في مجلس الأمن - التي ترفض أيضا إصدار قرار ثان".
وقال وزير الخارجية الروسي، ايغور ايفانوف: "روسيا تملك حق النقض (الفيتو) وسنستخدمه إذا كان ضروريا وفي مصلحة الاستقرار الدولي".
العراق يدمر المزيد من الصواريخ
في 12/ آذار 2003 دمر النظام الصدامي ثلاثة صواريخ من طراز (الصمود 2) ليبلغ عدد الصواريخ التي تم تدميرها حتى ذلك اليوم 58 من 120 صاروخا من هذا النوع الذي يملكه نظام صدام.
هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ذكرت أن عملية التدمير تمت في موقع (التاجي) الذي يبعد حوالي 25 كيلومترا عن بغداد، بإشراف اللجنة الدولية للتحقق المراقبة والتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل العراقية (ينموفيك) .
وأشارت الإذاعة إلى أن المفتشين الدوليين ومنذ وصولهم إلى العراق في نوفمبر الماضي أشرفوا كذلك على تدمير 19 رأسا حربية وخمسة محركات خاصة بالصواريخ وقاذفتي صواريخ إضافة إلى عجلة قيادة وسيطرة.
وكان العراق قد وافق في الـ 27 من شباط 2003 وبصورة غير مشروطة على تدمير تلك الصواريخ لتجاوز مداها الحد الأقصى المسموح به وفقا للقرارات الدولية والبالغ 150 كيلومترا.
