قراءة استباقية لنتائج انتخابات 2025: أعلى كتلة لن تتجاوز 50 مقعداً والسنية لن تصل لـ80 مقعداً
انفوبلس/ تقرير
تتجه الأنظار في العراق نحو الانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة في 11 تشرين الثاني 2025، حيث يمثل هذا الاستحقاق السياسي محطة مهمة في مسار الديمقراطية العراقية بعد تجارب متباينة في الانتخابات السابقة.
ومع اقتراب موعد الاقتراع، تصاعدت التوقعات والتحليلات حول نتائج الانتخابات، نسبة المشاركة، وأحجام الكتل السياسية التي ستتشكل على ضوء قانون الانتخابات الجديد.
قراءة استباقية لنتائج انتخابات
في هذا السياق، توقّع رئيس الدائرة الانتخابية السابق، مقداد الشرفي، أن تحصد أعلى كتلة سياسية في الانتخابات المقبلة نحو 50 مقعداً فقط من أصل 329 مقعداً في البرلمان العراقي. ويشير الشرفي في حديث متلفز إلى أن هذا الرقم يعكس الطبيعة الموزعة للتمثيل البرلماني، وعدم قدرة أي كتلة سياسية على السيطرة المطلقة على المجلس كما حصل أحياناً في انتخابات سابقة.
ويضيف أن القوى السنية لن تصل إلى 80 مقعداً، كما أن الإطار التنسيقي لن يحصل على نصف زائد واحد من مقاعد الشيعة، مشيراً بذلك إلى أن المشهد السياسي سيظل متعدد الكتل والتوجهات، وأن المنافسة ستكون شديدة على جميع الأصعدة.
وبحسب الشرفي، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات، "من المستحيل أن تصل حاجز الـ50%، والقوى السنية لن تصل لـ80 مقعداً ولن تحصل كتلة على نصف هذا العدد، ومن المستحيل أن يحصل أحد أطراف الإطار التنسيقي على نصف زائد واحد من مقاعد الشيعة". وتوقع الشريفي، أن "يحصل أعلى شخص في بغداد على 125 ألف صوت تقريباً"، لافتاً إلى أن "القوائم الشيعية ستنافس على 43 مقعداً في بغداد".
ويبيّن الشريفي، أن "أعلى كتلة في العراق ستحصل على 50 مقعداً"، متوقعاً أن "تحصل 3 كتل في بغداد بين 10 إلى 16 مقعداً"، ويرى، أن "نسبة التصويت في بغداد ستكون 34% في أحسن الاحوال"، لافتاً إلى أن "نسبة المشاركة من المستحيل أن تصل إلى 50%".
ويقول إن "نتائج الانتخابات المقبلة لن تحصل فيها مفاجآت كبيرة كما في 2021"، موضحاً أن "بعض الاستبيانات حول عدد مقاعد الكتل تحتوي على مجاملات". ويلفت إلى أن "منظومة سيرفرات المفوضية وصلت لمراحل صعبة لا يمكن اختراقها".
ويشير إلى أن "الكتل السياسية اعتمدت نظرية (الشبجة)، بإنزال عدد كبير من المرشحين لصيد الأصوات"، كاشفاً عن أن "هناك مرشحين ظهرت أسماءهم كمراقبين في الانتخابات". ويضيف أن "الكتل السنية ستتنافس على 23 مقعداً في بغداد، والإطار التنسيقي قد يخسر مقعدين أو 3 مقاعد للسنة بسبب مقاطعة الصدريين".
ويتابع، "لا توجد قائمة (سوبر) ستكتسح الأرقام في المحافظات والمقاعد ستتوزع، وهناك 14 قائمة ستحصل على مقاعد في بغداد حتمياً". ويصف الشريفي، ترويج الكتل لـ"قصة واحد بغداد وواحد عراق"، بأنها "دعايات انتخابية لا تقارب الواقع".
ومن "يتحدث عن الحصول على 50 أو 70 مقعداً ليراجع جدول الضرب"، بحسب الشريفي الذي يلفت إلى أن "قانون الانتخابات يؤثر على أحجام الكتل السياسية، والقوى السياسية صممت القانون الحالي بطريقة تحافظ على وجودها".
ومن المقرر أن يتوجّه العراقيون في 11 تشرين الثاني نوفمبر 2025 إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الدورة السادسة لمجلس النواب العراقي، على أمل أن يشكل هذا اليوم خطوة جديدة لترسيخ تجربة ديمقراطية حقيقية تعبر عن إرادة الشعب في بناء دولة المؤسسات والعدالة.
400 ألف لمراقبي الكيانات
في المقابل، يكشف رئيس شبكة "عين" لمراقبة الانتخابات سعد البطاط، عن تخصيص 400 ألف دينار لمراقبي الكيانات، الذي اعتبره "رقماً غير مسبوق"، معرباً عن "تخوفه" من تأثير الأموال على الانتخابات.
ويقول "نتخوف من تأثير الاموال وسيصبح البرلمان مجلس تجار"، لافتاً إلى أن "إلغاء استخدام الحبر الانتخابي سليم وأصبح من الماضي"، مبيناً أن "منع الهواتف يجبر المراقبين على الخروج للتمكن من إرسال موقف وقد يحصل خرق بهذه الفترة".
ويتابع، أن "قانون الأحزاب واضح ويجب على المفوضية استبعاد الاحزاب المسلحة"، لافتاً إلى أن "قانون الانتخابات يحتوي فقرات قابلة للتأويل وتعدد التفسير". ويبين "نتوقع نسبة مشاركة عالية في الانتخابات القادمة بسبب الأموال"، مبيناً أن "هناك خرقاً لقاعدة البيانات في المفوضية لكن من الصعب التلاعب بالنتائج".
ويردف، أن "بيع الصوت جريمة انتخابية إذا ثبتت يتم معاقبة المخالف"، مشيراً إلى إن "إجراءات المفوضية لا تنسجم مع حجم شراء الأصوات". ويقول إن "بعض القوى بدأت تعرض 400 ألف دينار لمراقبي الكيانات وهو رقم غير مسبوق"، مبيناً أن "القوى السياسية تؤسس لثقافة شراء الأصوات".
وتوقع البطاط، "انتهاكات كبيرة في الانتخابات المقبلة، أهمها عملية شراء الأصوات"، قائلاً إن "الانتخابات الحالية تختلف كثيراً عن الانتخابات الماضية خصوصاً بعدد المرشحين".
وتواجه الانتخابات المقبلة تحديات كبيرة فيما يتعلق بمشاركة المواطنين، خاصة في ظل التراجع المستمر في نسب الإقبال على الصناديق. ويشير الخبراء إلى أن الأموال المخصصة للمراقبين قد تحفز بعض المواطنين على المشاركة، لكنها في الوقت ذاته قد تشوه النزاهة وتجعل البرلمان المقبل أكثر تأثراً بالمصالح الاقتصادية للقوى السياسية الكبرى.
تعمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على تجهيزات مكثفة لضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة، بما في ذلك تحديث قاعدة البيانات، تأمين مراكز الاقتراع، وتدريب المراقبين لضمان دقة المراقبة. كما
أشار الشرفي إلى أن منظومة سيرفرات المفوضية وصلت لمراحل صعبة جداً لا يمكن اختراقها، وهو ما يعزز مصداقية النتائج النهائية رغم التحديات.
إضافة إلى ذلك، تتضمن التحضيرات إجراءات لمنع التلاعب بالعملية الانتخابية، منها منع استخدام الهواتف في مراكز الاقتراع، ما يستدعي تكيف المراقبين لضمان نقل الملاحظات والتقارير في الوقت المناسب.
باختصار، تشير المؤشرات الحالية إلى أن الانتخابات المقبلة ستكون معقدة ومتعددة الأبعاد. المنافسة ستكون على مستويات عدة: بين الكتل الكبرى، بين القوائم الشيعية والسنية، وبين القوى الجديدة والمستقلة. وستتأثر النتائج بمعدلات المشاركة الشعبية، تأثير الأموال، استراتيجيات الكتل السياسية، والقوانين المنظمة للعملية الانتخابية.
ورغم المخاطر المرتبطة بشراء الأصوات والتحديات اللوجستية، فإن الانتخابات تمثل فرصة حقيقية للعراقيين لترسيخ الديمقراطية وبناء مؤسسات الدولة. ويظل الأمل معقوداً على وعي المواطن العراقي في الاختيار، وقدرته على تجاوز محاولات التأثير الخارجي والمالي، ليكون 11 تشرين الثاني 2025 محطة فاصلة في مسيرة العراق نحو دولة المؤسسات والعدالة والشفافية.
الخلاصة، فإن الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2025 تبدو كما لو أنها "ميدان موزع" للمقاعد البرلمانية، حيث لن تحصل أي كتلة على الأغلبية المطلقة، وستبقى المنافسة شديدة ومتعددة الأوجه. التحديات المرتبطة بالأموال، مقاطعة بعض الفئات، وتأثير قوانين الانتخابات ستلعب دوراً محورياً في رسم ملامح البرلمان القادم. ومع ذلك، فإن الإجراءات المتقدمة للمفوضية والجهود المبذولة لضمان النزاهة تمنح الأمل في أن تكون هذه الانتخابات خطوة نوعية لتعزيز الديمقراطية العراقية.

