قصف الدورة قبل عشرين عاما.. هكذا اخترق الأمريكان النظام السابق وحددوا حركة الديكتاتور
انفوبلس/..
كـ"أحجار الدومينو" هكذا توالى سقوط المدن العراقية بيد الاحتلال الأمريكي في عام 2003، إذ سرعان ما انفرط الجيش العراقي السابق ودخل الأمريكان إلى قلب العاصمة بغداد.
لكن ثمّة أسرار أعقبت ليلة الغزو الأمريكي على العراق، تستعرضها شبكة انفو بلس في هذا التقرير.
-
بوش الابن (وسط) معلنا بداية الحرب على العراق (رويترز)
*"الغارة الغادرة"
تحدثت حرير حسين كامل (حفيدة صدام حسين)، عن كواليس ما وصفته بـ"الغارة الغادرة" غير المتوقَّعة، التي شنّها الجيش الأمريكي على مزرعة الدورة في العاصمة بغداد، حيث كانت تتواجد والدتها، رغد صدام حسين، خلال غزو العراق.
اعتدنا على الفوضى التي تُحدِثها الحروب ولم نكن نتوقع أن يتم استهداف عائلة بها نساء وأطفال
وقالت حفيدة صدام: "كان قرار والدتي (رغد صدام)، بالذهاب إلى مزرعة الدورة.. اعتدنا على الفوضى التي تُحدِثها الحروب، ولم نكن نتوقع أن يتم استهداف عائلة بها نساء اثنين و9 من الأطفال في تلك المزرعة بغارات جوية أمريكية، رغم أنهم يعرفون أننا موجودون فيها، لم نكن نتوقع أنهم بمثل هذا الإجرام".
بعد ساعة ونصف الساعة من انتهاء مُهلة الـ48 ساعة التي حددها الرئيس الأميركي جورج بوش لصدام حسين للتنحي عن السلطة وترك البلاد مع ولديه، بدأت حرب الخليج الثالثة بضربات صاروخية وجوية استهدفت أبرز عناصر القيادة العراقية التي حددتها وكالات المخابرات الأمريكية، وخصوصا مقار للرئيس العراقي، إلا أنها لم تسفر عن مقتل أحد منهم. كانت الضربة الأولى 40 صاروخ كروز من سفن وغواصات أمريكية على بغداد.
*ليلة الحرب
في ليلة الحرب جرى تغيير الأماكن وصولاً إلى مزرعة الدورة
تقول رغد (ابنة صدام) عن ليلة الحرب، "ليلة 19/20، أذار، 2003، في العادة الوالد يبلّغنا أنه صار الوقت الذي من المفروض أن نترك مواقعنا فيه وهو بالعادة مكان سكن". وتشير "كنتُ مع رنا، وجاء مصطفى ابن قصي، قال لي: عمّة، بابا يسلم عليكم ويقول اتركوا قصر الجادرية".
وتضيف: "ذهبنا إلى بيت المزرعة (في منطقة الدورة) وقمنا بإنزال أغراضنا، وجلسنا، لم يكن يدور في بالي أننا سنترك منزل الدورة، فالقرار كان البقاء فيه إلى أن بدأ القصف، اسمع القصف، ومن ثم أغادر المنزل بالسيارة".
وتمضي في قولها: "والدتي طلبت ترك المنزل فوراً.. خرجنا في الساعة الثالثة فجراً، صباح يوم 20/3/2003، وتركنا بيت الدورة، توجهنا لمنطقة اليرموك، حيث بيت خالي".
وتلفت إلى، أنها توقعت عدم قصف منزل الدورة لذا قررت العودة إليه في الخامسة فجراً من ذلك اليوم، لكنه قُصف أثناء توجّههم إليه.
*أول صاروخ
أول صاروخ سقط أمام المنزل، والصاروخ الثاني على البيت
تتابع رغد: "الذي حدث أن أول صاروخ سقط أمام المنزل، والصاروخ الثاني على البيت.. نشعر وكأن الصواريخ فوق رؤوسنا، دقائق قليلة بين صاروخ وصاروخ... بعدها تركنا الموقع وغادرنا المزرعة".
*صدام: نغادر الآن
التفت صدام حسين إلى ولديه، بينما كانت القوات الأمريكية تتحرك عبر بغداد. وقال "نغادر الآن".
وكان صدام عازماً على الهروب قبل أن تُقام مزيد من نقاط التفتيش حول العاصمة. ولم يكن قد توقَّع سقوط المدينة وكانت خطته بسيطة: التوجه غرباً إلى الرمادي، حيث كان هناك القليل من القوات الأمريكية.
*اختراق النظام وتحديد حركة الديكتاتور
وفي تفحّص للاستراتيجية العسكرية للعراق أعدّت قيادة الأركان المشتركة للولايات المتحدة إعادة بناء يومية لتحركات صدام تظهر أن هروبه كان ملحّاً ومرتجلاً. وتشير الدراسة أيضا إلى أن الاستخبارات الأمريكية لم تكن تعرف الكثير حول أماكن وجوده خلال المرحلة الأولى من الحرب، وأن صدام لم يكن في مكان قريب من موقع غارتين بالصواريخ شُنَّتا بقصد قتله.
كان صدام يتحرك في شبكة من البيوت الآمنة، وقد قصفت الولايات المتحدة مواقع قيادة عسكرية في العاصمة، ولكن صدام بقي في أحياء مدنية، ولم تقترب الولايات المتحدة منه لغرض قتله.
تلقى صدام مكالمة قريبة، وفي وقت مبكر من يوم السابع من أبريل/ نيسان صادف أن يكون في بيت آمن على بعد ميل ونصف الميل من الطريق الذي اتخذته القوات الأميركية في هجومها الثاني على بغداد، وبعد يومين من ذلك كان وضعه حرجاً، فقد تحركت قوات الجيش الأمريكي إلى الجزء الغربي من المدينة وكانت قوات المارينز تتحرك إلى الجزء الشرقي، وقد ظهر أمام المؤيدين في بغداد، ولكن بعد أن واجهت قافلته العربات الأمريكية المدرّعة كان ومساعدوه مسعورين، وشقوا طريقهم إلى مكان في بغداد، وبينما كانت القوات الأمريكية تفتش، اختفى هناك حتى الصباح.
وفي وقت مبكر من يوم العاشر من نيسان قرر الهرب إلى الرمادي مع ولديه وعبد حمود، وفقا للتقرير الذي قدّمه السكرتير الشخصي بعد أن اعتقلته القوات الأمريكية. وفي وقت سابق كان صدام يعتقد أن الهجوم الأمريكي الرئيسي قد يأتي من الأردن، ولكن عندئذ بات واضحاُ للعراقيين أن الولايات المتحدة ليست لديها قوات كبيرة في الغرب. وسرعان ما أصبح الهرب محنة، ففي تلك الليلة قصف الأمريكيون بناية مجاورة للبيت الذي كان يختفي فيه بالرمادي، وسرعان ما توجه صدام وولداه وعبد حمود بسياراتهم إلى هيت، وقضوا الليلة في بستان نخيل خارج المدينة.
وفي الصباح التالي قرر صدام أن عليهم أن يفترقوا لتقليل مخاطر إلقاء القبض عليهم، وتوجه قصي وعدي وعبد حمود إلى العاصمة السورية دمشق، وفقا لخارطة رحلتهم الموجودة في تقرير قيادة الأركان المشتركة، ومن الجلي أن ولدي صدام كانا من التوتر بحيث يصعب على السوريين التعامل معهما، وعاد الشقيقان إلى العراق، ووصلا أخيرا إلى تكريت والموصل، حيث قتلتهما القوات الأمريكية في يوليو(تموز) 2003.
وكانت محطة توقف صدام الأولى في هيت، وفي 13 ديسمبر/ كانون الأول 2003 ألقت القوات الأمريكية القبض على صدام غير الحليق في حفرة العنكبوت قرب تكريت، وعلى جدار المخبأ الرّطِب كان هناك رسم لسفينة نوح، وعلى الأرض كانت حقيبة مستهلكة مليئة بملابس وساعة كبيرة على شكل قلب.


