مبادرة لكسر الانسداد أم بوابة لولاية ثانية؟ ائتلاف الإعمار والتنمية يطرح شروطه لحسم رئاسة الوزراء وسط انقسام الإطار التنسيقي
انفوبلس/ تقارير
عاد ملف رئاسة الوزراء في العراق إلى واجهة الجدل السياسي، مع إعلان ائتلاف "الإعمار والتنمية" بقيادة رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، عن مبادرة سياسية قال إنها تهدف إلى كسر حالة الانسداد وحسم منصب رئاسة الحكومة المقبلة. المبادرة التي جاءت في توقيت دستوري حساس عقب المصادقة على نتائج الانتخابات، فتحت باباً واسعاً للنقاش داخل الإطار التنسيقي بين من يراها مخرجاً للأزمة ومن يعدّها محاولة لفرض الولاية الثانية.
محاولة لإعادة تحريك العملية السياسية
أعلن ائتلاف الإعمار والتنمية الذي يتزعمه محمد شياع السوداني، أمس الاثنين، عن عزمه طرح مبادرة سياسية شاملة تستهدف إنهاء حالة الانسداد السياسي التي تعيق حسم ملف رئاسة مجلس الوزراء.
-
مبادرة ائتلاف السوداني
وذكر بيان صادر عن إعلام تيار الفراتين أن السوداني ترأس اجتماعاً دورياً للائتلاف في مكتبه، خُصص لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهد السياسي، ومراجعة نتائج الحوارات المكثفة التي أجراها الائتلاف مع القوى السياسية والوطنية خلال المرحلة الماضية.
وأوضح البيان أن الاجتماع تطرق أيضاً إلى تثبيت ملامح رؤية الائتلاف لإدارة الدولة في الاستحقاق الحكومي المقبل، في ظل مرحلة وصفها البيان بالحساسة والمفصلية.
وأشار إلى أن ائتلاف الإعمار والتنمية يعمل على بلورة مبادرة سياسية متكاملة تهدف إلى كسر حالة المراوحة السياسية، وإنهاء التعطيل الذي طال ملف اختيار رئيس الوزراء، عبر طرح معالجات وُصفت بالواقعية، تستند إلى مبدأي التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.
وأكد الائتلاف أن هذه المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة لإعادة تحريك العملية السياسية
ووضعها على مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن تفاصيلها ستُعرض على قوى الإطار التنسيقي في اجتماعه المرتقب، بما يفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جدية يمكن أن تفضي إلى تشكيل حكومة مستقرة وقادرة على إدارة المرحلة المقبلة.
وشدد البيان على أن المبادرة تنطلق من قناعة راسخة لدى قيادة تيار الفراتين وائتلاف الإعمار والتنمية بضرورة حسم الخيارات السياسية بعيداً عن التسويف، والعمل على تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع أولويات الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في صدارة برنامجها الحكومي.
وفي هذا السياق، قال عضو ائتلاف الإعمار والتنمية قصي محبوبة، في تصريح لصحيفة الشرق الأوسط تابعته شبكة انفوبلس، إن المبادرة تتمثل في وضع شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء المقبل، مكتفياً بالإشارة إلى أن تفاصيلها ستُعلن بشكل كامل خلال اجتماع قوى الإطار التنسيقي المتوقع مساء الاثنين، من دون الخوض في مزيد من التفاصيل.
شروط ومعايير: الإطار التنسيقي في قلب المبادرة
وفي مساء الاثنين الموافق 22 كانون الأول/ديسمبر 2025، أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية» رسمياً عن تفاصيل مبادرته السياسية، مؤكداً أنها تهدف إلى كسر الانسداد السياسي وحسم ملف رئاسة الوزراء، بالاستناد إلى التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.
وجاء الإعلان عقب اجتماع موسع ناقش خلاله الائتلاف التطورات السياسية ونتائج الحوارات التي أجراها مع مختلف القوى.
-
مبادرة لكسر الانسداد أم بوابة لولاية ثانية؟ ائتلاف الإعمار والتنمية يطرح شروطه لحسم رئاسة الوزراء وسط انقسام الإطار التنسيقي
ووفقاً لما أعلنه الائتلاف، فإن المبادرة تهدف إلى تشكيل حكومة قوية وفعالة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع الإصلاح والاستقرار ضمن أولوياتها الأساسية.
وتضمنت المبادرة التمسك بالإطار التنسيقي والحفاظ على وحدته، إضافة إلى اعتماد مبدأ التوافق في اتخاذ القرار بما يضمن سرعة الحسم وعدم إطالة أمد الخلافات.
كما حدد الائتلاف مجموعة من المعايير لاختيار المرشح المكلف بتشكيل الحكومة، أبرزها احترام إرادة الناخبين عبر اختيار مرشح يحظى بثقة الشعب، وأن يتمتع بتجربة ناجحة في إدارة الدولة والمواقع التنفيذية، وامتلاك رؤية واقعية وبرنامج حكومي يتناسب مع تحديات المرحلة المقبلة.
وشددت المعايير أيضاً على ضرورة أن يحظى المرشح بالقبول الوطني، وأن يكون متبنّى رسمياً من إحدى قوى الإطار التنسيقي عبر ترشيحه.
غير أن هذه المعايير لم تمر من دون اعتراض، إذ واجهت المبادرة رفضاً من بعض أطراف الإطار التنسيقي، الذين تمسكوا بآليات الترشيح السابقة، ورفضوا ما وصفوه بمحاولة فرض خيارات محددة تحت غطاء الأوزان الانتخابية والتوافق.
الرفض والتمسك بالمالكي: صراع الأوزان والولاية الثانية
في هذا الإطار، قال سعد السعدي، عضو المكتب السياسي لحركة «الصادقون»، في حديث تابعته شبكة انفوبلس، إن حسم الأزمة الحالية يتطلب تنازل كل من محمد شياع السوداني ونوري المالكي لصالح مرشح تسوية، مبيناً أن الإطار التنسيقي تبنّى قائمة من تسعة مرشحين يجري النقاش حولهم.
وأشار السعدي إلى أن اعتماد معيار الأوزان الانتخابية لاختيار رئيس الوزراء، رغم أنه قد يصب في مصلحة بعض القوى، إلا أنه قد يخلق إشكالات داخلية داخل الإطار، مؤكداً أن التوجه العام لا يزال يسير نحو التوافق، وأن الإطار لم يصل بعد إلى مرحلة الانسداد الكامل.
من جهته، قال القيادي في ائتلاف «الإعمار والتنمية» خالد وليد، إن هناك جموداً سياسياً حقيقياً في ملف اختيار رئيس الوزراء، وأن الهدف من المبادرة هو كسر هذا الجمود وتفعيل الحوار السياسي باتجاه حسم هذا الملف.
-
مبادرة لكسر الانسداد أم بوابة لولاية ثانية؟ ائتلاف الإعمار والتنمية يطرح شروطه لحسم رئاسة الوزراء وسط انقسام الإطار التنسيقي
وأضاف أن الائتلاف يعمل أيضاً على أن تقود مخرجات المبادرة إلى دعم تجديد الولاية للسوداني، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن الهدف الأساسي هو الإسراع بحسم الملف وفق التوقيتات الدستورية.
في المقابل، كشفت النائب عن ائتلاف دولة القانون ابتسام الهلالي عن رفض ائتلافها لمبادرة «الإعمار والتنمية»، مؤكدة أن قادة الإطار يرفضون تجديد الولاية للسوداني.
وقالت الهلالي إن المبادرة ليست سوى محاولة للحصول على ولاية ثانية، مشيرة إلى أن قادة الإطار أبلغوا السوداني في وقت سابق رفضهم لتجديد ولايته لأسباب تتعلق بقرارات وصفتها بغير الصحيحة، والتدخل الخارجي، وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
وأكدت تمسك ائتلاف دولة القانون بترشيح نوري المالكي لمنصب رئيس الوزراء المقبل، معتبرة أن هناك دعماً من بعض القوى السنية والكردية لهذا الخيار، مشيرة إلى أن الإطار التنسيقي سيحسم مرشحه بعد انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب وانتخاب رئيسه ونائبيه.
بالنهاية وفي ظل هذه الانقسامات، يتوقع مراقبون استمرار الخلافات بشأن اسم رئيس الحكومة المقبلة، خصوصاً مع المهلة الدستورية التي تمتد إلى ثلاثة أشهر لتشكيل المؤسسات الجديدة. وبين مبادرة الإعمار الراهنة وتمسك بعض القوى بخياراتها التقليدية، يبقى المشهد السياسي مفتوحاً على كل الاحتمالات، بانتظار ما ستسفر عنه اجتماعات الإطار التنسيقي المقبلة، وقدرته على تحويل التوافق من شعار إلى قرار.