مصطلح "تدوير المناصب" الجديد يتسيّد الموقف في ديالى وكركوك.. ماذا تقول عنه الكتل السياسية؟
وزير الخارجية التركي أول مَن اقترحه!
مصطلح "تدوير المناصب" الجديد يتسيّد الموقف في ديالى وكركوك.. ماذا تقول عنه الكتل السياسية؟
انفوبلس / تقرير
أنتجت أزمة الحكومات المحلية في محافظتي ديالى وكركوك، اللتَين لا تزال كُتلَهما السياسية تتصارع من أجل الاستحواذ على مناصب المحافظ ورئاسة المجلس، إضافة إلى إدارات السلطات التنفيذية الأخرى ظهور مصلح سياسي جديد، ألا وهو "تدوير المناصب"، فماذا يعني؟ وماذا يقول عنه المختصون؟.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على ما تريد معرفته عن مصطلح "تدوير المناصب" بين الكتل السياسية
*مجالس المحافظات
بعد أن عادت عجلة مجالس المحافظات إلى الدوران من جديد إثر انقطاع دام لعدة سنوات، مضت غالبية المحافظات في إتمام تشكيل حكوماتها المحلية، باستثناء ديالى وكركوك.
المحافظتان لا تزالان كتلهما السياسية تتصارع من أجل الاستحواذ على مناصب المحافظ ورئاسة المجلس إضافة إلى إدارات السلطات التنفيذية الأخرى، ونتيجة للتعطيل الذي استمر قرابة الثلاثة أشهر، منذ إعلان مفوضية الانتخابات المصادقة على النتائج النهائية.
كما شهدت المحافظتان تقديم مقترحات عدة للتوصل إلى حلول مُرضية لجميع الأطراف، ومنها “تدوير المناصب” بين المكونات.
ومصطلح "التدوير" ظهر لأول مرة في كركوك بسبب الصراع الكردي على منصب المحافظ ودخول العرب أيضا على خط المنافسة بعد حصولهم على عدد من المقاعد يساوي مقاعد الكرد، ونص هذا المقترح على أن يحصل العرب على سنتين لإدارة المحافظة، وسنتين للكرد، لينتقل المقترح إلى ديالى التي تعاني الأمر ذاته.
وتقوم الفكرة على تجاوز ما أسفرت عنه الانتخابات الأخيرة من نتائج واعتماد مبدأ التداول بين الكتل السياسية على شغل منصب المحافظ.
ويعني تطبيق هذا المبدأ في كركوك، ذهاب المنصب بشكل آلي إلى المكون التركماني على اعتبار أنّ الأكراد سبق أن شغلوه حتى سنة 2017، ثم تسلّمه العرب، ما يعني أنّ الدور جاء الآن إلى التركمان.
وتوجد مفارقة في خلفية هذه الفكرة تتمثّل في أن تركيا هي أوّل من اقترحها وذلك على لسان وزير خارجيتها هاكان فيدان.
وهدفت أنقرة من وراء ذلك إلى تمكين حلفائها التركمان العراقيين من قيادة المحافظة التي لم تنقطع تركيا عن محاولات تركيز موطئ قدم لها فيها نظرا لأهميتها الاستراتيجية وخصوصا لغناها بالنفط، كما أرادت حرمان عدوها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي تتهمه بالتعاون ضدّها مع حزب العمال الكردستاني من الإمساك بزمام السلطة في كركوك باعتبار الاتّحاد حاصلا في الانتخابات الأخيرة على العدد الأكبر من مقاعد مجلس المحافظة.
ورغم موافقة بعض الكتل عليها إلا أن حزب الاتّحاد الوطني رفض بشكل قطعي فكرة التدوير مذكّراً بأنّها فكرة غير صادرة عن قوى محلّية بل وافدة من تركيا.
وبحسب مسؤولين محليين في ديالى، فإن، الانسداد الحاصل في ديالى دفع البعض إلى طرح فكرة تدوير منصب المحافظ بين الكتل السياسية، لكن هذا المقترح لم يلق استحسانا من قبل بعض الأطراف السياسية.
والأطراف السياسية الرافضة لمقترح التدوير سواء كانت في بغداد أو ديالى، ترى أنه سيساهم في تعزيز التفرقة المجتمعية، خاصة في ديالى التي عانت الويلات من الإرهاب والصراعات الطائفية والتي لم تتجاوزها إلا بشق الأنفس، وفقا للمسؤولين.
يذكر أن مجلس محافظة ديالى كان قد أخفق في عقد جلسته الأولى لثلاث مرات بسبب الانسداد السياسي وعدم التوافق على منصب المحافظ.
وكانت آخر انتخابات لمجالس المحافظات جرت في نيسان أبريل 2013، وبحسب مفوضية الانتخابات فإن نسبة المشاركة بلغت آنذاك 50 بالمئة، بعدما شارك ستة ملايين و400 ألفا و777 ناخبا فيها من بين نحو 13 مليونا و800 ألف ناخب مسجل.
ومنذ تشرين الثاني نوفمبر 2019 جرى حلّ مجالس المحافظات استجابة لمطالب المتظاهرين الذي اعتبروا أنها “حلقة زائدة ووسيلة للفساد المالي والإداري”، ليستجيب مجلس النواب في حينها ويصوّت على تعديل قانوني أنهى بموجبه عمل المجالس، وتكليف أعضاء البرلمان بمهام مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في محافظاتهم.
المحلل السياسي علي البيدر، يقول أن "فكرة تدوير المناصب غير منطقية على اعتبار أنها تساوي بين حظوظ الكتل الفائزة بمستويات متقدمة مع كتل أصغر، كما أنها قد تنتج ما يمكن تسميته الانتقام من السلطة، أي أن الكتل التي تحصل على المنصب سوف تستنزفه لتوسيع نفوذها وتحقيق ما تسعى إليه وتسخره لصالحها، بالتالي لن تتمكن من تحقيق الإصلاح في ظل الفترة الزمنية القليلة".
ويضيف، "في مقابل ذلك من يضمن أن لا تنسف الكتلة الجديدة عندما تتواجد في السلطة كل ما قامت به الكتلة السابقة، قد يكون التدوير ممكنا لمعالجة حالة معينة في مرحلة ما، إلا أنه قد يمهد لخيار صناعة عرف سياسي جديد قد ينعكس مستقبلا على مستويات أعلى مثل قمة الهرم والحكومة الاتحادية وعلى مستوى الرئاسات المتقدمة في البلاد.
ويعبر البيدر، عن مخاوفه من أن “يكون هذا العرف غلطة سياسية وعليه يجب أن تلجأ الأطراف في ديالى إلى التوافق لتحديد عناوين من سيدير المحافظة والأسماء التي ستتواجد في التشكيلة الحكومية وتفضيل المصلحة الوطنية والعامة.
وكانت أطراف سياسية داخل محافظة ديالى، قد رفضت التجديد للمحافظ السابق مثنى التميمي من تحالف “نبني” بزعامة الأمين العام لمنظمة بدر، هادي العامري، ما اضطر الأخير إلى تقديم محمد العميري، نجل رئيس المحكمة الاتحادية العليا جاسم العميري، كمرشح تسوية، إلا أنه تم رفضه هو الآخر.
وفي السياق ذاته، يرى القيادي في منظمة بدر، محمد البياتي، أن "موضوع محافظة ديالى يتعلق بخلافات داخلية وتحديدا بين أحزاب الإطار التنسيقي على منصب المحافظ، لذلك لا يمكن تصنيف ما يجري كخرق قانوني لكون مجلسها عقد جلسة وانتخبت بعض الشخصيات لإدارة المناصب المحلية".
ويشير البياتي، إلى أن “غياب التوافق السياسي هو السبب في تأخير انتخاب محافظ ديالى، والأيام المقبلة قد تشهد انفراجة في أزمة ديالى على اعتبار أن المشكلة سياسية وليست قانونية كما هو الحال في محافظة كركوك".
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد أعلنت في 28 كانون الأول ديسمبر 2023، النتائج النهائية مجلس محافظة ديالى المكون من 15 مقعدا، وفاز تحالف ديالتنا الوطني (مثنى التميمي) بـ107 آلاف و554 صوتا بأربعة مقاعد، وتحالف تقدم الوطني (محمد الحلبوسي) بـ79 ألفا و934 صوتا بثلاثة مقاعد، وتحالف السيادة (خميس الخنجر) بـ73 ألفا و890 صوتا بثلاثة مقاعد، وتحالف استحقاق ديالى (تحالف نبني) بـ44 ألفا و195 صوتا بمقعدين، وتحالف عزم العراق (مثنى السامرائي) بـ44 ألفا و61 صوتا بمقعد واحد، وائتلاف الأساس العراقي (محسن المندلاوي) بـ29 ألفا و961 صوتا بمقعد واحد، والاتحاد الوطني الكردستاني بـ28 ألفا و648 صوتا بمقعد واحد.
ودعا محافظ ديالى مثنى التميمي في 3 شباط فبراير الماضي، أعضاء مجلس محافظة ديالى الجديد إلى عقد الجلسة الأولى برئاسة العضو الأكبر سنا تركي جدعان العتبي، لاختيار رئيس المجلس ونائبيه، إلا أن المجلس لم يلتئم لغاية الآن بسبب الخلافات السياسية على منصب المحافظ.
في المقابل، كان محافظ كركوك بالوكالة، راكان سعيد الجبوري، قد دعا في 30 كانون الثاني يناير الماضي، الفائزين بعضوية مجلس المحافظة لعقد أول اجتماع للمجلس في الأول من شباط فبراير الماضي لاختيار رئيس مجلس المحافظة ونائبيه، وانتخاب المحافظ ونائبيه، إلا أن الخلافات حالت دون حسم انتخاب المحافظ حيث تطالب الكتل الكردية بالمنصب، كما أن العرب أيضا يريدون الاستمرار بإدارة المحافظة، وكذلك التركمان يطمحون للفوز بالمنصب.
ويبلغ عدد مقاعد الكرد 7 مقاعد بواقع 5 مقاعد للاتحاد الوطني الكردستاني ومقعدين للديمقراطي الكردستاني، فيما يصطف مع الكرد مقعد مسيحي واحد، ليكون مجموع المقاعد 8 مقاعد.
بالمقابل، يبلغ عدد مقاعد العرب 6 مقاعد، يصطف معهم مقعدان تركمانيان ليكون المجموع 8 مقاعد، ما يعني أن كلف طرف منهم بحاجة الى مقعد واحد فقط ليشكل الاغلبية البالغة 9 مقاعد من اصل 16 مقعدًا في مجلس كركوك.
وكان رئيس مجلس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، رعى اجتماعين للقوى السياسية الفائزة في انتخابات مجلس محافظة كركوك، وأعلن عن اتفاق مبادئ للمضي بتشكيل الحكومة المحلية في المحافظة.