من حكومة علاوي إلى حقبة السوداني.. جردة باستقالات الوزراء العراقيين بعد عام 2003
انفوبلس/ تقرير
شهدت الحكومات العراقية المتعاقبة، استقالات وزراء كُثر في دورات مختلفة، كما أنّ مرحلة ما بعد 2003 شهدت استقالات الكثير من الوزراء أيضًا، وآخرهم وزير البيئة في حكومة محمد شياع السوداني الحالية نزار آميدي، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" الضوء على الاستقالات بعد حقبة النظام البائد.
بعد عام 2003، حين تحول العراق من النظام الرئاسي إلى البرلماني، توالت على منصب رئاسة الوزراء عدة شخصيات وهم: إياد علاوي، إبراهيم الجعفري، نوري المالكي، حيدر العبادي، عادل عبد المهدي، مصطفى الكاظمي، محمد شياع السوداني الذي لا يزال يشغل المنصب.
وبات العُرف السائد تقسيم الرئاسات الثلاث بحيث تكون رئاسة البرلمان للمكون السُني، ورئاسة الجمهورية للمكون الكُردي، ورئاسة الوزراء من حصة الشيعة.
استقالات الوزراء العراقيين بعد عام 2003
*حقبة إياد علاوي
لم تشهد الحكومة العراقية المؤقتة، أو حكومة أياد علاوي ـ السلطة الثالثة حسب التسلسل الزمني التي تشكلت في العراق عقب غزو الولايات المتحدة الأمريكية للعراق في 2003 والتي أدت إلى الإطاحة بحكم الرئيس العراقي المقبور صدام حسين وحزبه الحاكم ـ لم تشهد استقالات تُذكر على مستوى الوزراء خلال فترة حكمه.
وتشكلت الحكومة المؤقتة في 28 حزيران/يونيو 2004 لتحل محل سلطة الائتلاف الموحدة ومجلس الحكم في العراق وإدارة شؤون العراق تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن حل محلها الحكومة العراقية الانتقالية في 3 مايو 2005.
وكانت الحكومة معترف بها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والجامعة العربية وبعض الدول الأخرى كممثل شرعي للعراق ولكن الولايات المتحدة احتفظت بصلاحيات واسعة في العراق وكانت هي صاحبة القرار أثناء فترة الحكومة المؤقتة.
وضمت الحكومة العراقية المؤقتة رئيسًا ونائبين ورئيس وزراء ونائبًا واحدًا وكذلك 31 وزيرا وست وزيرات وخمس وزراء دولة. تم اختيار إياد علاوي كرئيس وزراء من خلال تصويت داخلي قام به أعضاء مجلس الحكم في العراق.
وكان الأعتقاد السائد أن الاختيار تم حسب توصية مبعوث الأمم المتحدة الخاص الأخضر الإبراهيمي آنذاك إلا أن الأبراهيمي صرح فيما بعد لصحيفة "نيويورك تايمز" بإنه تم الضغط عليه من قبل بول بريمر لتزكية إياد علاوي لهذا المنصب حيث إن الأخضر الإبراهيمي استقال من مهمته بعد أسبوعين بسبب ما وصفه "بالمصاعب الجمّة والإحباط".
*حقبة إبراهيم الجعفري
وخلال حكومة العراق الانتقالية أو حكومة إبراهيم الجعفري - حّلت هذهِ الحكومة محل الحكومة العراقية المؤقتة في 3 مايو 2005 وصادق مجلس النواب العراقي المؤقت عليها في 28 نيسان 2005 – قدم وزير النفط إبراهيم بحر العلوم آنذاك، في 28 كانون الأول 2005، استقالته احتجاجا على خطوة للحكومة بزيادة أسعار المشتقات النفطية ثلاثة أضعاف في السوق المحلية.
وقال العلوم وقتها، إن الإجراء من شأنه الإضرار بالعراقيين ذوي الدخول المنخفضة. وأضاف، إن عودته مشروطة بإلغاء الزيادات في أسعار المحروقات. وأوضح، إن صندوق النقد الدولي طلب من الحكومة رفع الأسعار لتوقيع اتفاق معها.
كانت الحكومة الانتقالية أول حكومة ذات أغلبية شيعية، وأول حكومة يتولى الأكراد فيها نحو ربع المناصب البارزة. حيث قاطعت الطائفة السنية انتخابات شهر كانون الثاني 2005 مما حدى بالشيعة والأكراد الذين حازوا على أغلبية الأصوات لتوجيه دعوات إلى شخصيات سنية أساسية للاشتراك في تمثيل الحكومة، فقد كانوا يدركون أن من دون تمثيل سني في الحكومة تتضاءل الحظوظ في انضمام الطائفة السنية إلى النظام الجديد.
حقبة نوري المالكي الأولى والثانية
انتُخب نوري المالكي لتشكيل أول حكومة عراقية دائمة منتخبة في شهر أيار مايو من عام 2006 وذلك بعد أن تخلى رئيس حزب الدعوة الإسلامية ورئيس الحكومة إبراهيم الجعفري عن ترشيحه للمنصب بعد معارضة شديدة من الكتل السنية والكردية له، وخلال الحكومة الأولى قدم وزير الثقافة أسعد كمال مجيد الهاشمي استقالته من منصبه، وتم تعيين سلمان الجميلي خلفا له.
فاز المالكي في أول انتخابات تشريعية عام 2005 مع الائتلاف الشيعي الذي كان يسمى وقتذاك "الائتلاف العراقي الموحد"، وبشكل مفاجئ اختير رئيساً للوزراء في العام التالي بعد منافسة شديدة مع سلفه إبراهيم الجعفري.
وفي انتخابات عام 2010، حلّت قائمة دولة القانون الذي يتزعمها المالكي في المرتبة الثانية بعد قائمة "العراقية" التي يتزعمها إياد علاوي، وبعد 8 أشهر من إجراء الانتخابات وسيادة حالة من الجمود السياسي نتيجة تباين مواقف الأحزاب السياسية، استطاع المالكي الفوز بمنصب رئيس الوزراء لفترة رئاسية جديدة بعد التوافق مع معظم الكتل البرلمانية.
وخلال حكومته الثانية، قدم وزير الكهرباء العراقي رعد شلال في عام 2011، استقالة من منصبه بطلب من رئيس الوزراء نوري المالكي، على خلفية "تعرض الحكومة العراقية للخداع" في بعض عقود إنشاء محطات لتوليد الكهرباء، كما في عام 2012، أعلن وزير الاتصالات محمد توفيق علاوي استقالته من منصبه بسبب ما وصفها بتدخلات سياسية من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي تعرقل عمل الوزارة.
وخلال عام 2013، وفي آخر أيام حكومة المالكي الثانية، أعلن وزير المالية العراقي رافع العيساوي، استقالته من الحكومة العراقية أمام حشد من المتظاهرين في الرمادي في محافظة الأنبار غربي العراق. وبعد أيام من استقالة العيساوي، لحقه وزير الزراعة عز الدين الدولة، والذي أعلن عن تقديم استقالته احتجاجًا على مقتل متظاهر في الموصل.
وتوالت الانسحابات من حكومة المالكي في تلك الفترة، إذ أعلن عبد الكريم السامرائي وزير العلوم والتكنولوجيا ومحمد علي تميم وزير التربية استقالتهما، احتجاجًا على أحداث الحويجة الشهيرة حينها، إلا أن المالكي رد استقالة تميم.
المالكي الذي وُلد عام 1950 في بلدة طويريج التي كانت تابعة لمحافظة بابل ثم أُلحقت بكربلاء عام 1976، وانضم إلى حزب الدعوة وهو في العشرين من عمره، هو رئيس الوزراء الوحيد بعد 2003 الذي بقي في منصبه دورتين، كما أنه الوحيد الذي سُجلت باسمه أكبر هزيمة عسكرية في العراق بعد استيلاء تنظيم "داعش" الإرهابي على مدن ومساحات واسعة من البلاد قبل عشر سنوات، لكن خلال ولايته الأولى رئيسا للوزراء، وقّع المالكي على حكم إعدام الرئيس المقبور صدام حسين.
وفي 14 أغسطس/آب 2014 أعلن نوري المالكي تخليَه عن منصبه لصالح رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، في حين أصبح هو أحد نواب رئيس الجمهورية رفقة كل من أسامة النجيفي وإياد علاوي، وهي المناصب التي ألغاها العبادي ضمن إصلاحات لإطفاء غضب الشارع العراقي في أغسطس 2015 على خلفية احتجاجات شعبية على الفساد.
*حقبة حيدر العبادي
واجهت الحكومة العراقية، برئاسة حيدر العبادي، خلال عام 2016، احتجاجات شعبية وسياسية، هي الأشرس منذ تشكل تلك الحكومة المؤلفة من 22 وزيرا نهاية 2014؛ وهو ما أدى إلى استقالة سبع وزراء، وإقالة وزيرين، وشغور عدد من المناصب المهمة؛ جراء خلافات بين القوى السياسية.
إذ قدم 7 وزراء استقالتهم أمام رئيس الوزراء حيدر العبادي، عام 2016، ووافق عليها. وقال مكتبه الإعلامي وقتها في بيان، إن العبادي قَبِلّ استقالات وزير النفط عادل عبد المهدي ووزير النقل باقر جبر الزبيدي المنتميين إلى المجلس الإسلامي الأعلى، ووزير الداخلية محمد الغبان العضو بمنظمة بدر، إضافة إلى وزير الإعمار والإسكان طارق الخيكاني ووزير الصناعة محمد الدراجي ووزير الموارد المائية محسن الشمري، وهم من التيار الصدري، وكذلك وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني المنتمي لكتلة "مستقلون".
كما وخلال حكومته في 25 أغسطس/ أب 2016، صوت البرلمان العراقي لصالح إقالة وزير الدفاع، خالد العبيدي، من منصبه بعد أقل من شهر على استجوابه داخل البرلمان بشأن ملفات فساد، وبعد أقل من شهر، وتحديدا يوم 21 سبتمبر/ أيلول 2016، صوت البرلمان أيضا لصالح إقالة وزير المالية (كردي)، هوشيار زيباري، من منصبه بتهم تتعلق بالفساد. لكن كلا الوزيرين قالا إن سبب إقالتهما سياسي.
ويُحسب لحكومته حيدر العبادي أنه يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 2017 أعلنت الحكومة العراقية النصر الكامل على تنظيم "داعش" الارهابي واستعادة السيطرة على كامل الأراضي التي كان التنظيم قد أحكم قبضته عليها منذ يونيو/حزيران 2014.
حكومة عادل عبد المهدي
ما إن تمّ انتخاب برهم صالح رئيسًا للجمهورية، في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، حتى كلّف، عادل عبد المهدي، بتشكيل حكومة عراقية جديدة، تخلف حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، والتي قادت العراق خلال السنوات الأربع الماضية، وطُبع أغلبها بالحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي.
لم يأتِ عبد المهدي من خارج الأطراف السياسية الشيعية، بل كان قياديًا في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي. وكان مرشح المجلس لتولي عدد من الوزارات السيادية المهمة ما بعد 2003؛ مثل وزارة المالية في حكومة إياد علاوي (2004-2005)، ووزارة النفط في حكومة العبادي (2014-2016).
كما كان أحد أبرز المخططين لاستراتيجيات العراق الاقتصادية ما بعد 2003. غير أنه، بعد استقالته من وزارة النفط (2016)، اختار التقاعد، ولم ينتمِ إلى أي طرف من الطرفين السياسيين، بعد أزمة الانشقاق في المجلس الأعلى وخروج زعيمه عمار الحكيم وتشكيل ما عُرف بـ "تيار الحكمة الوطني" عام 2017؛ ما يجعل عبد المهدي مرشحًا مستقلًا، رغم أنه ظل قياديًا في المجلس الأعلى إلى ما قبل سنتين.
في حكومة عادل عبد المهدي - الحكومة العراقية 2018 برئاسة عادل عبد المهدي نالت ثقة 14 وزيراً من حكومته في 24 أكتوبر/تشرين الاول 2018 - قدم وزير الصحة علاء العلواني استقالته من المنصب، بسبب ضغوط سياسية تعرض لها، بحسب تعبيره، عام 2019، ولحقه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الذي قدم استقالته بعد موجة احتجاجات "واسعة" شهدتها المحافظات العراقية وخصوصا العاصمة بغداد.
حقبة مصطفى الكاظمي
تسلم مصطفى الكاظمي منصبه رئيسا للوزراء في 7 مايو/أيار 2020 بعد مخاض سياسي عسير بعد استقالة عبد المهدي، إذ لم يفلح كل من السياسي عدنان الزرفي ومحمد توفيق علاوي في تشكيل الحكومة، وهو ما حدا بالكتل السياسية لقبول تسوية تمخضت عن اختيار الكاظمي رئيسا للوزراء بعد نيله ثقة البرلمان.
وفي حكومة الكاظمي، قدم وزير الصحة حسن التميمي استقالته من المنصب عام 2021، بعد حريق في بغداد نجم عن انفجار خزان أكسجين في مستشفى ابن الخطيب لعلاج مرضى كوفيد 19، راح ضحيته أكثر من 80 مريضًا، وفي نفس العام، قدم وزير الكهرباء ماجد حنتوش استقالته من المنصب، بعد ضغوط جراء أزمة تجهيز، ووافق عليها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وفي عام 2022، قدم وزير المالية علي علاوي، استقالته من المنصب إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وحل وزير النفط إحسان عبد الجبار خلفًا له بالوكالة.
طوت حكومة مصطفى الكاظمي رحلتها الحكومية في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إثر منح البرلمان العراقي الثقة لمحمد شياع السوداني رئيسا للوزراء، بعد قرابة عامين ونصف قضاها الكاظمي رئيسا للوزراء.
لم تكن قضية اختفاء 3.7 تريليون دينار عراقي، بما يعادل نحو مليارين ونصف المليار دولار، من أموال الأمانات الضريبية في العراق بما يُعرف بـ"سرقة القرن" لم تكن عابرة كأي سرقة للمال العام اعتاد العراقيون سماعها منذ 2003 – حدثت خلال حكومة الكاظمي. فالحديث عن "سرقة القرن" لا يزال مستمراً منذ أعوام ويشغل الرأي العام في البلاد.
وفي حكومة السوداني الحالية، قدم وزير البيئة نزار آميدي استقالته من المنصب في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، للتفرغ للعمل الحزبي كمسؤول للمكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني في بغداد.
إعداد: فريق انفوبلس

