نينوى على صفيح "الحاصود والدخيل".. صراع الوحدات الإدارية يهدد الخارطة السياسية في المحافظة!
انفوبلس/ تقارير
هي أشبه بالعدوى، شُخصت في ذي قار، وانتقلت بعدها إلى بغداد، فأبَت صلاح الدين إلا أن تستضيفها، فكانت نينوى المحطة الأخيرة، "الحاصود والدخيل" يتناطحان بسبب تغيير مسؤولي الوحدات الإدارية، إنها أزمة مجالس المحافظات وهنا تكمن العدوى، لا استقرار منذ يوم الاقتراع، ولا تفاهم، الأقليات متخوفون من "التهميش" وعاصفة الإقالات على الأبواب، ماذا يحدث؟ يتساءل الجميع دون أجوبة مقنعة، هنا انفوبلس حيث القصة من جلسة الإعفاء إلى قرار القضاء عبر تقرير مفصل من الألف إلى الياء.
تذكير.. من جلسة الإعفاء إلى قرار القضاء
في الثاني والعشرين من تشرين الأول الماضي، ردّت محكمة القضاء الإداري، دعوى قضائية أقامها عدد من مسؤولي الوحدات الإدارية في محافظة نينوى ضد مجلس المحافظة، رفضاً لقرار إعفائهم من مناصبهم.
وبحسب وثائق حصلت عليها شبكة انفوبلس، فإن محكمة القضاء الإداري قررت بتاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر، رد دعوى مدير ناحية النمرود أحمد عبيد العيسى والتي تقدم بها ضد مجلس محافظة نينوى مع رؤساء الوحدات الإدارية من الذين تم إعفاؤهم من مناصبهم، بحكمٍ حضوري قابلٍ للتمييز.
وكان عدد من مسؤولي الوحدات الإدارية في نينوى قد رفضوا في وقت سابق قرار مجلس محافظة نينوى القاضي بإعفائهم من مناصبهم بحجة أن إجراءات الجلسة كانت مخالفة للقانون.
وتسببت جلسة إعفاء وانتخاب مسؤولي نحو 20 وحدة إدارية في نينوى بأزمة سياسية لا تزال قائمة، كما عطلت عملت المجلس نحو 3 أشهر قبل عودته للانعقاد مؤخرا.
وصوت مجلس نينوى في حزيران الماضي بحضور كتلة نينوى المستقبل فقط، ومقاطعة كتلة نينوى الموحدة وكتلة الديمقراطي الكردستاني على استبدال مسؤولي الوحدات الإدارية في المحافظة.
تأخر إصدار الأوامر الإدارية
سبق لمجلس محافظة نينوى، أن شهد مقاطعة لكتلتي "نينوى الموحدة" والحزب الديمقراطي الكردستاني لنحو 3 أشهر، قبل أن يعودوا للمجلس في منتصف أيلول الماضي، على خلفية تصويت المجلس على تعيين واستبدال مسؤولي الوحدات الإدارية.
وكانت كتلة "بابليون" في مجلس محافظة نينوى، لوّحت في 16 كانون الثاني الجاري، باستجواب وإقالة محافظ نينوى عبد القادر الدخيل، في حال لم يصادق على رؤساء الوحدات الإدارية الذين صوت عليهم مجلس نينوى قبل 4 أشهر.
وأكد عضو في مجلس محافظة نينوى، بوقت سابق، بوجود تحرك جاد لاستجواب محافظ نينوى عبد القادر الدخيل تمهيداً لإقالته، إثر خلافات سياسية نتيجة التأخر بإصدار الأوامر الإدارية.
الدخيل يعترض
وبهذا الصدد، كشف عضو مجلس محافظة نينوى، مروان الطائي، عن اعتراض محافظ نينوى، عبد القادر الدخيل، على تنفيذ المباشرات الخاصة بتعيين رؤساء الوحدات الإدارية الجدد، مشيراً إلى أن المجلس سيتبع الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك مفاتحة المحكمة الاتحادية، لتنفيذ قرارات الجلسة الرابعة عشرة، على الرغم من وجود ضغوط سياسية تعرقل التنفيذ.
وأوضح الطائي، أن "محافظ نينوى، عبد القادر الدخيل، أبلغ المجلس بموافقته على تطبيق قرار المحكمة الإدارية الخاص بإعفاء وتعيين رؤساء الوحدات الإدارية حال وصوله، لكنه أبدى ملاحظاته وامتنع عن تنفيذ المباشرات الخاصة بالرؤساء الجدد، بحجة وجود مخالفات قانونية ارتُكبت في الجلسة الرابعة عشرة التي أسفرت عن التعيينات".
وأكد الطائي، أن "مجلس محافظة نينوى سيواصل السعي لتنفيذ قرارات الجلسة الرابعة عشرة عبر الطرق القانونية، بما في ذلك مفاتحة المحكمة الاتحادية لحل الخلافات القائمة حول الموضوع"، مشيراً إلى أن "المجلس قد يضطر في المستقبل إلى تقديم دعاوى قضائية ضد المحافظ إذا استمر في عرقلة تنفيذ القرارات".
وأشار الطائي إلى، أن "الضغوط السياسية والحزبية هي التي تقف وراء امتناع المحافظ عن تنفيذ المباشرات الخاصة برؤساء الوحدات الإدارية"، موضحاً أن "هذه الضغوط لا يجب أن تؤثر على قرارات الدولة".
وقال: "نحث المحافظ على الالتزام بدوره التنفيذي، باعتباره رئيس السلطة التنفيذية في المحافظة، وألا يكون طرفاً في هذه الصراعات السياسية التي تضر بمصالح المواطنين".
وتابع الطائي، مؤكداً ثقته التامة في القضاء، حيث أشار إلى أن "قرارات المحكمة الإدارية السابقة التي أنصفت المجلس وقراراته بالإعفاء ستكون ثابتة، وأن المجلس سيواصل العمل على ضمان تنفيذ قراراته بناءً على حكم القضاء".
وختم الطائي حديثه بالتأكيد: "نحن واثقون بأن القضاء العراقي سيؤيد قراراتنا، كما أنصفنا في الماضي، وسيثبت ذلك في المستقبل".
هل يتلاعب مجلس المحافظة بحقوق الأقليات؟
بدورها، أصدرت الأحزاب الأربع الممثلة للشعب الكلداني السرياني الآشورى، أمس الأول الخميس، بياناً مشتركاً استنكرت فيه قرار مجلس محافظة نينوى "إقالة رؤساء الوحدات الإدارية".
وجاء البيان، الذي ورد لشبكة انفوبلس، معبراً عن قلق تلك الأحزاب إزاء التبعات السياسية لهذا القرار الذي وصفته بأنه يهدد التوازن الاجتماعي والديمقراطية في المحافظة.
وفي البيان المشترك، انتقدت الأحزاب الأربع للشعب الكلداني السرياني الآشوري بـ"شدة قرار مجلس محافظة نينوى القاضي بإعفاء رؤساء الوحدات الإدارية الصادر في يوليو 2024"، مؤكدة أن "هذا القرار يشكل تدخلاً في حقوق المكونات السياسية والمجتمعية في نينوى".
وأشارت الأحزاب، إلى أن "مجلس المحافظة تجاهل قرار المحكمة الإدارية العليا الذي قضى بعدم مشروعية هذا الإعفاء".
وأوضحت، أن "القرار لا يخدم سوى مصالح حزبية ضيقة، ويعد محاولة لاستبعاد الأقليات وإقصائها من المشهد السياسي، مما يهدد الوحدة الوطنية ويقوض النسيج المجتمعي في نينوى"، معبرة عن قلقها من "استغلال الانتخابات المحلية القادمة لتحقيق مكاسب سياسية على حساب استقرار المنطقة".
والأحزاب الموقعة على البيان هي كل من حزب اتحاد بيت نهرين الوطني، المجلس الكلداني السرياني الآشوري، حزب بيت نهرين الديمقراطي، الحركة الديمقراطية الآشورية.
كتلة الجبوري تدعم المحافظ وتتحرك لإقالة رئيس المجلس
من جانبها، أكدت كتلة نينوى الموحدة عزمها تقديم لائحة أسئلة الى رئيس مجلس المحافظة أحمد الحاصود، مع تلميح الى إمكانية إقالته، على خلفية رصد مخالفات “جسيمة” خلال عمله طيلة عام من تشكيل المجلس.
وشددت الكتلة على دعمها الكامل للمحافظ عبد القادر الدخيل ضد أي مساعٍ سياسية لتنحيته عن المنصب، في سياق خلافات حول قانونية تعيين مديري الوحدات الإدارية، بعد تعيين 14 مديراً لم يُدرجوا على جدول أعمال جلسة التصويت، الأمر الذي دفع المحافظ الى توجيه حلفائه في المجلس بتصويب المخالفات القانونية التي شابت الجلسة ومن ثم الطعن بقرار تعيينهم لدى المحكمة الاتحادية بعد أن صادقت المحكمة الإدارية على صحة التصويت سابقاً، الحالة التي خلقت شداً وجذباً بين القوى السياسية في المحافظة، وتلويح الكتل المتنافسة بورقة الإقالة لكل من المحافظ ورئيس مجلس المحافظة.
نينوى المستقبل ترفض استجواب وإقالة الحاصود
عقب البيان أعلاه، أكدت كتلة نينوى المستقبل (قوى الإطار التنسيقي)، اليوم السبت، رفضها استجواب وإقالة رئيس مجلس المحافظة أحمد الحاصود، وهما الخياران اللذان لوحت بهما كتلة نينوى الموحدة في المجلس.
وقال عضو المجلس محمد عارف الشبكي، عن كتلة نينوى المستقبل، في تصريح تابعته شبكة انفوبلس، إن "كتلتنا تستغرب من تحرك وتلويح مجلس نينوى لاستجواب وإقالة رئيس المجلس"، مشددة على أن "ذلك التحرك من شأنه تعقيد المشهد في نينوى".
وأضاف، إن "تحرك كتلة نينوى الموحدة يأتي رداً على جلسة مجلس المحافظة لتغيير رؤساء الوحدات الإدارية والتي كانت جلسة قانونية مئة بالمئة ومكتملة النصاب والقرار مكتمل شكلاً ومضموناً والدليل على ذلك قرار المحكمة الإدارية التي أكدت صحة الجلسة".
وأكد الشبكي دعم كتلة نينوى المستقبل لرئيس المجلس أحمد الحاصود (ينتمي لكتلة العقد الوطني بزعامة فالح الفياض)، لافتاً إلى "ضرورة أن تكون تصريحات نينوى الموحدة على قدر المسؤولية لأن نينوى ليست لمكون طائفة أو حزب سياسي وإنما هي للجميع".
الخارطة السياسية مهددة!
إلى ذلك، كشف عضو في مجلس محافظة نينوى، عن وجود تحالفات جديدة قد تساهم في تغيير الخارطة السياسية في المجلس، مشيراً إلى انشقاقات محتملة داخل تحالف "نينوى المستقبل" الذي يضم 16 عضواً.
وقال عضو المجلس، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن "هذه التحالفات والانشقاقات قد تؤثر بشكل كبير على مراكز القوى في المجلس، مما قد يصب في مصلحة تحالف نينوى الموحدة، الذي يضم 13 عضواً بينهم 4 مقاعد للحزب الديمقراطي الكردستاني".
وأضاف، إن "مجلس نينوى الذي يضم 29 عضواً منقسم إلى تحالفين رئيسيين، هما نينوى المستقبل ونينوى الموحدة، وفي الفترات السابقة، لم يتمكن المجلس من تحقيق النصاب في الجلسات الأخيرة بسبب غياب بعض الأعضاء، مما عطل سير العمل".
وتابع، إن "غياب الأعضاء كان بدوافع حزبية، للتأثير على النصاب وإفشال الجلسات حين كانت نينوى الموحدة مقاطعة للجلسات فيما سبق"، مبينا أن "التغيير في التحالفات السياسية داخل المجلس سيكون له تأثير كبير على التوازن السياسي في نينوى، وقد يكون لصالح تحالف نينوى الموحدة في المستقبل القريب".
ماذا يقول القانون؟
وعن الرأي القانوني إزاء هذه الأزمة، فقد أكد الخبير القانوني علي التميمي، على جملة من القوانين والمواد التي تحكم إعفاء وتعيين رؤساء الوحدات الإدارية.
وقال التميمي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "المعيّن بالأصالة ينطبق على حالته ما منصوص عليه في المادة 7 - ثامنا من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008، من حيث الاستجواب من قبل المجلس المحلي ثم التصويت على الإقالة بالأغلبية المطلقة وهذا ينطبق على القائم مقام ومدير الناحية أيضا".
أما فيما يتعلق برؤساء الوحدات الإدارية الذين يشغلون مواقعهم لتصريف الأعمال، فأشار التميمي بالقول، "أما من كان منهم تصريف أمور يومية فيبقى في ذلك لحين انتخاب بديل له من قبل المجلس المختص عند انتخابه لوجود النصوص القانونية الواردة في القانون 21 لسنة 2008".
وتابع التميمي ليفصل في حيثية أخرى، حيث أشار إلى أن "من كان قد تم تعيينه بأمر إداري أو جهة عليا، فإنه يبقى على ما هو عليه لحين إنهاء وجوده بذات الطريقة التي عُيّن فيها من قبل هذه الجهة".
وعن عمل الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات، أوضح التميمي: "أنها تعمل بموجب المادة 45 من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم 21 لسنة 2008 ولها التدخل لحل الإشكاليات الحاصلة وهي برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء وقراراتها قابلة للطعن أمام المحكمة المختصة".
أما عن رأي مجلس شورى الدولة ودوره، فقد أشار الخبير القانوني علي التميمي الى أن "رأي مجلس شورى الدولة سيكون هو الفاصل بموجب طلب المشورة المقدم له وفق المواد 4 و6 من قانونه 65 لسنة 1979".