اغتيال “همسة جاسم” بين صمت الرصاص وتضارب الروايات: واسط تستيقظ على جريمة غامضة تهزّ مؤسسات الدولة
انفوبلس/..
في صباحٍ ثقيل على مدينة الكوت، استيقظت محافظة واسط على جريمةٍ هزّت الرأي العام، بعدما قُتلت الحقوقية همسة جاسم الحسناوي في ظروفٍ غامضة شمال المدينة. الخبر انتشر بسرعةٍ عبر مواقع التواصل، ليشعل موجة من التساؤلات والجدل حول هوية الضحية ودوافع الجريمة، في حادثةٍ أعادت للأذهان ملف الاغتيالات التي تطال كوادر الدولة والناشطين في البلاد.
المعلومات الأولية التي أفاد بها مصدر أمني تشير إلى أن المغدورة، وهي موظفة في مديرية ماء واسط ومنسبّة إلى مستشارية الأمن القومي، كانت في طريق عودتها إلى منزلها في منطقة العامرية شمال الكوت، عندما فتح مسلحون مجهولون النار عليها في ساعةٍ متأخرة من مساء الاثنين، ما أدى إلى مقتلها في الحال.
القوات الأمنية سارعت إلى تطويق مكان الحادث، ونقلت الجثة إلى دائرة الطب العدلي، فيما فرّ المنفذون إلى جهة مجهولة، تاركين خلفهم موجة من الغموض والتكهنات.
روايات متضاربة ومواقع التواصل تشتعل
لم تمر ساعات على وقوع الجريمة حتى غصّت صفحات التواصل الاجتماعي بخبرٍ حمل عنوان “اغتيال محامية معروفة في واسط”. وسرعان ما تفاعل معه الآلاف من المواطنين، بين من نعى الضحية باعتبارها ناشطة قانونية، ومن شكّك في دوافع الاغتيال وعدّه امتداداً لسلسلة استهدافات تطال فئات مهنية حساسة داخل الدولة.
لكن نقابة المحامين العراقيين أصدرت بعد ساعات بياناً نفت فيه أن تكون الراحلة محامية أو عضواً في هيئة انتداب المحامين، مؤكدة أن الأخبار المتداولة “عارية من الصحة”، وأن المغفور لها تعمل موظفة في إحدى دوائر الدولة في محافظة واسط.
وجاء في البيان: “تناقلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي خبر اغتيال محامية معروفة في واسط، ونؤكد أن ذلك غير صحيح، إذ إن الفقيدة ليست من كوادر النقابة بل موظفة حكومية، ونهيب بوسائل الإعلام توخي الدقة في نقل الأخبار.”
هذا التوضيح لم يُخفف من حدة الغضب الشعبي، بل زاد المشهد التباساً، بعدما بقيت دوافع الجريمة غامضة، وغياب أي تفاصيل رسمية حول المنفذين أو خلفياتهم.
تحقيقات فورية وخيوط أولية
مصدر أمني في قيادة شرطة واسط كشف لاحقاً عن تشكيل لجنة تحقيق عاجلة لمعرفة ملابسات الحادثة، قائلاً إن “التحقيقات ما زالت في مراحلها الأولى، ولا يمكن الجزم بشيء حتى الآن، إلا أن هناك خيوطاً أولية قد تسهم في كشف هوية المنفذ خلال فترة وجيزة”.
وبحسب المصدر، فإن الجهات الأمنية تعمل على تحليل كاميرات المراقبة القريبة من موقع الحادث وجمع إفادات الشهود المحتملين، وسط تكتم رسمي على طبيعة الأدلة التي تم العثور عليها في مكان الجريمة.
المعلومات الأمنية تشير إلى أن الاغتيال تم بسلاح خفيف وبطريقة دقيقة، ما يعزز فرضية أن الجناة كانوا يترصدون الضحية مسبقاً. لكن حتى الآن، لا توجد أي جهة أعلنت مسؤوليتها، ما يجعل الحادث مفتوحاً على كل الاحتمالات، من خلاف شخصي أو وظيفي، إلى استهداف مهني أو أمني مرتبط بطبيعة عملها.
بين الحقيقة والإشاعة
الارتباك الإعلامي الذي رافق الجريمة أظهر مجدداً هشاشة البيئة المعلوماتية في العراق، حيث تنتشر الشائعات قبل أن تتوفر الوقائع. فبينما سارع البعض إلى وصفها بـ“اغتيال سياسي”، اتضح لاحقاً أنها موظفة حكومية، لكن المغزى الإنساني والسياسي يبقى واحداً: امرأة شابة فقدت حياتها في ظروف غامضة، ودولة ما زالت عاجزة عن حماية كوادرها.
ويرى مراقبون أن رد الفعل السريع من نقابة المحامين يعكس مخاوف المؤسسات المهنية من توريطها إعلامياً، لكنه لا يقلل من خطورة ما جرى، إذ يبقى السؤال الأهم: من يقف وراء هذا القتل؟ ولماذا؟
