ليل تهزه القاذفات ونهار ينهشه الدخان.. نزاع طاحن بين سرايا السلام وبيت العاشور يوقع ضحايا

انفوبلس/..

لم يعرف قضاء أبو الخصيب جنوب البصرة هذا القدر من التوتر الأمني منذ سنوات طويلة، إذ شهد مؤخراً نزاعاً دامياً بين بيت العاشور وسرايا السلام، لأسباب قدم كل طرف ما يجعله خارج دائرة الاتهام، لكن الشيء المؤكد هو تسبُّب هذا النزاع بوقوع ضحايا أبرياء بينهم من القوات الأمنية المسلحة.

*شرارة الأزمة

شرارة الأزمة انطلقت من يوم الثلاثاء الماضي، وهو اليوم الذي شهد إجراء انتخابات البرلمان السادس في العراق، ليتحول القضاء إلى ساحة حرب استُخدمت فيها أنواع مختلفة من الأسلحة من الرشاش إلى القاذفات.

أما عن الأسباب، فلا تبدو واضحة حتى الآن، خاصة وأن كل طرف قدّم مسوغات تجعله خارج دائرة الاتهام، فسرايا السلام قالت إنها ردّت على بيت العاشور لأنهم هاجموا "دخيلاً" عليهم، بينما بيت العاشور يقولون بالنص: "السيد ربعة جانوا يوصلولة أخبار جذب بأن الي انكتل دخيل بس الصار الي انكتل واحد مستطرق من العيدان مو يم السالفة وانكتل بالغلط وحلوها العيدان وبيت العاشور، فما دخل السرايا؟".

*الضحايا

وبحسب مصادر محلية، فقد أوقع الاشتباك نحو سبعة ضحايا بين قتيل وجريح، بينهم اثنان فارقا الحياة على الفور، إضافة إلى خمسة مصابين بينهم ضابط تلقّى إصابة مباشرة خلال محاولته احتواء الموقف. 

هذه الحصيلة دفعت القوات الأمنية إلى التحرك السريع، فنُصبت سيطرات مكثفة على مداخل ومخارج أبو الخصيب، وانتشرت قطعات من الجيش داخل الأحياء الساخنة في محاولة لوقف الانفلات المتصاعد وتطويق تداعيات النزاع قبل انفجاره من جديد.

لكن هذا التحرك الأمني قوبل بتعليقات ساخرة، إذ كتب مدونون على مواقع التواصل تعليقات تهكمية منها: "القوات الأمنية عايفة الأطراف المتشاجرة المعروفة وتفتش سيارات الناس المدنيين".

*مناشدات

المناشدات الشعبية لم تتأخر. أبناء أبو الخصيب، الذين عاشوا الرعب خلال الليالي الماضية، وجهوا نداءً مباشراً إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مطالبين التدخل العاجل لوقف ما وصفوه بـ”انتهاكات تهدد حياتهم ومعيشتهم”، ومطالبين بردع المتورطين من سرايا السلام في البصرة بعد ما قالوا إنه تجاوز للسياقات الأمنية واعتداء على حرمة الأهالي.

وفي خضم التصعيد، برز اسم الشيخ مزاحم التميمي، أحد الوجوه البارزة في البصرة، الذي بادر إلى التواصل مباشرة مع مقتدى الصدر لشرح ملابسات ما حصل، وسط تداول روايات مغلوطة وانتشار أخبار متضاربة حاولت تضليل الحقيقة. فالمعلومات التي وصلت أولاً – بحسب المقربين – كانت تشير إلى أن الشخص الذي قُتل هو “دخيل” أو من أبناء العشيرة نفسها، وهو ما أعطى النزاع بُعداً ثأرياً خطيراً. لكن التوضيحات التي نقلها التميمي أكدت أن القتيل الحقيقي هو رجل “مستطرق” من عشيرة العيدان، لا علاقة له بالخلاف، وأنه قُتل بالخطأ خلال الاشتباك، ما دفع الطرفين إلى تهدئة الوضع بعد اتضاح الصورة.

التواصل المباشر بين التميمي والصدر كان حاسماً، إذ أعقبه قرار بفتح باب التهدئة بين سرايا السلام وبيت العاشور، لينتهي النزاع بشكل سريع قبل تمدده إلى أحياء أخرى أو تحوله إلى مواجهة عشائرية واسعة في منطقة شديدة الحساسية أمنياً واجتماعياً.