ليلة الرصاص في بغداد: نزاع على أجور مولدة يتحول إلى حرب عشائرية دامية وتستفز الدولة لتطويق "المعامل" بالكامل

انفوبلس/..

على أصوات أزيز الرصاص، وألوان المذنبات، عاش سكان بغداد ليلة من الرعب، مواجهات محتدمة وتدخلات أمنية فشلت في كبح جماح عشيرتين مسلحتين متشاجرتين على سبب لا يبدو منطقياً ومستوجباً لوقوع كارثة بهذا الحجم. فالنزاع الذي اندلع بمنطقة المعامل بالجانب الشرقي من العاصمة بغداد واستمر نحو خمس ساعات أوقع ضحايا بينهم ضابطان ومنتسبان.

تفسيرات كثيرة جرى تداولها لِلَيْلَةِ بغداد الدامية في جانب الرصافة، والتي انتهت بمقتل ضابطين عراقيين (على الأقل)، وصدور بيان من وزير الداخلية يتوعد بضربة حديدية ضد مسلحي العشائر، وقد وصلت التأويلات حتى إلى التلميح بوجود جهة سياسية خلف الاشتباكات، لكن المعلومات عبر مقاطعة شهادات المصادر المحلية والضباط والمصادر الأمنية، خلصت إلى جملة معطيات، تشير إلى بداية تقليدية بشجار محدود لا قيمة له.. ثم ينزلق الجميع نحو “لحظة شيطانية” ملأت منطقة السعادة بالمعامل بالدماء.

*تفاصيل المواجهة

في الليلة الماضية، أفاد مصدر أمني بداية، بمصرع منتسب أمني ومدني وإصابة أكثر من عشرة أشخاص آخرين، معظمهم من عناصر الأمن، جراء نزاع عشائري مسلح اندلع في منطقة المعامل بجانب الرصافة من العاصمة بغداد.

وقال المصدر، إن الاشتباكات “خرجت عن السيطرة” وتسببت بسقوط ضحايا من القوات الأمنية والمواطنين، مشيراً إلى استمرار التوتر في المنطقة.

*سبب الخلاف

وتابع المصدر: "سبب الخلاف هو أجور المولدة وبالتالي فإن محافظ بغداد يتحمل جزء من المسؤولية والفوضى التي حدثت واستغلالها من أصحاب المولدات".

ولفت إلى أن "هناك 5 قتلى من أطراف النزاع سقطوا، بينما لقى 3 مدنين أبرياء حتفهم إثر الاشتباكات"، مبيناً أن "معاون أمر فوج توفي بعد إصابته بالنزاع مع وقوع مصابين".

وأوضح، أن "الخلاف بدأ بين عشيرتين (البومحمد أصحاب المولدة) وعشيرة بني كعب (مشتركين)، لافتا الى أن "القوات الأمنية ردت على مصادر النيران من الطرفين واشتبكت مع المسلحين بعد أن سقط شهداء من المنتسبين".

وحاولت القوات الأمنية إيقاف المشتبكين، ثم تداخل الرصاص، فسقط ضابط وشاب، تقول الداخلية إن ضابطها سقط أولاً، ويعتقد آخرون أن مسلحاً من العشائر سقط أولاً، وحين حاولت القوات الأمنية التقدم واعتقال المزيد من المتهمين.. تحصّن شقيق المسلح القتيل بمنزل وبدأ بإطلاق النار وألقى قنبلة يدوية.

تحققت المصادر، من سقوط ضابطين على الأقل هم كل من الملازم “أحمد مزهر عباس” والملازم “علي محمد” وإصابة المنتسبين علي نجم وياسر حمزة، ومحمد ثامر ومحمد زهيري وحسن صبيح، ولم يتم التحقق بعد من سلامة العقيد رعد، والمفوض أحمد عظيم حسون، فالمصادر تشير إلى وفاتهما متأثرين بالجراح رغم أن الداخلية لم تعلن إلا وفاة ضابطين اثنين فقط، وأقرت الداخلية بأن قواتها قتلت شخصين.

*بيان من الداخلية

وأعلنت وزارة الداخلية، عن استشهاد ضابطين وإصابة خمسة منتسبين خلال فض نزاع عشائري في بغداد، موضحة أن القوة الأمنية تعرضت إلى هجوم مسلح مباشر.

​وجاء في بيان للوزارة، “تعلن وزارة الداخلية، وبمزيد من الأسى والحزن، عن ارتقاء ضابطين شهيدين من أبطال الشرطة الاتحادية وإصابة خمسة منتسبين آخرين بجروح متفاوتة، وذلك أثناء تأدية واجبهم المقدس لفض نزاع عشائري وقع مساء اليوم في منطقة السعادة قرب معمل الغاز في جانب الرصافة من بغداد”.

وأضاف البيان “تعرضت القوة الأمنية إلى هجوم مسلح مباشر من العناصر المتسببة بالنزاع، ما دفعها للرد على مصادر النيران بقصد إلقاء القبض على الجناة، حيث أسفرت العملية عن مقتل اثنين من المهاجمين وإصابة خمسة آخرين، واعتقال ستة متورطين، فيما تواصل القوات الأمنية الآن عمليات تفتيش ومداهمة واسعة في أحياء المنطقة”.

ولفت البيان الى أن “وزارة الداخلية إذ تؤكد أن دماء الشهداء الأبطال لن تذهب سدى، فإنها تعاهد أبناء شعبنا بأن القانون سيطبق بحزم، وسنضرب بيدٍ من حديد على كل من تسوّل له نفسه استهداف رجال الأمن أو تهديد السلم المجتمعي”.

​وتابع أن “الإجراءات ستكون رادعة بحق جميع المجرمين والمتورطين في إثارة الفتن العشائرية والنزاعات المسلحة، ولن يكون هناك أي تهاون في ملاحقتهم حتى آخر لحظة”.

​وشددت الوزارة وفق البيان على أن “فرض هيبة الدولة وسيادة القانون أولوية مطلقة، ولن تنتهي هذه العملية إلا بعد إلقاء القبض على جميع المتسببين في هذا الاعتداء الغادر وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل، ولكي يكونوا عبرة لغيرهم”.

*محاصرة ومطاردة

طوقت قوات أمنية كبرى منطقة المعامل شرقي بغداد بالكامل، وأغلقت جميع منافذها، فيما تواصلت عمليات التفتيش والمداهمة بحثاً عن مطلوبين متورطين بنزاع عشائري.

وقال مصدر أمني، إن “قوة أمنية كبرى وصلت الى منطقة المعامل وطوقتها وأغلقت جميع منافذها”.

*عمليات بغداد على الخط

من جهتها، أعلنت قيادة عمليات بغداد، استشهاد ضابطين وإصابة خمسة منتسبين آخرين بجروح متفاوتة، إثر تعرض قوة أمنية لهجوم مسلح مباشر أثناء محاولتها فض نزاع عشائري في منطقة السعادة قرب معمل الغاز شرقي العاصمة، متوعدة مثيري النزاعات العشائرية بإجراءات رادعة.

وذكرت القيادة في بيان، أن “فريق عمل مشترك من الفرقة الخامسة شرطة اتحادية، وبإسناد الأجهزة الاستخبارية، تحرك فور وقوع النزاع إلى محل الحادث، لكنه تعرض إلى إطلاق نار مباشر من العناصر المتسببة بالشجار، ما دفع القوة للرد على مصادر النيران بقصد اعتقال الجناة”.

وأضاف البيان أن “العملية أسفرت عن مقتل اثنين من المهاجمين وإصابة خمسة آخرين بجروح خطيرة، فضلاً عن اعتقال ستة متورطين، فيما لا تزال القوات الأمنية تواصل عملياتها لملاحقة باقي المطلوبين حتى اعتقالهم جميعاً”.

وأكدت قيادة عمليات بغداد أن “دماء الشهداء الأبطال لن تذهب سدى”، مشددة على أن “القانون سيطبق بحزم، وسيُضرب بيدٍ من حديد على كل من تسوّل له نفسه استهداف رجال الأمن أو تهديد السلم المجتمعي”.

وأشارت إلى أن “الإجراءات ستكون رادعة بحق جميع المجرمين والمتورطين في إثارة الفتن العشائرية والنزاعات المسلحة، ولن يكون هناك أي تهاون في ملاحقتهم حتى آخر لحظة”.

*صراع آخر

بالتوازي مع هذا الصراع، أفاد مصدر أمني، فجر اليوم الأحد، باندلاع نزاع عشائري في منطقة سبع قصور بالعاصمة بغداد.

ولم تُعرف أسباب النزاع بحسب المصدر، لكن مقطعاً مصوراً أظهر الرصاصات وهي تتطاير في سماء منطقة سبع قصور.