الاتحاد العراقي أمام مفترق طرق.. صراع الخبرة والطموح يحسمه صوت الهيئة العامة
انفوبلس/ تقارير
يشهد الاتحاد العراقي لكرة القدم حالة من الترقب والتنافس الشديد مع اقتراب موعد انتخاب رئيس جديد يقود دفة الكرة العراقية لأربع سنوات قادمة (2025–2029). إذ يخوض هذا السباق الانتخابي ثلاثة من أبرز الأسماء في الوسط الرياضي العراقي، وهم: عدنان درجال، يونس محمود، وإياد بنيان.
ويأتي هذا التنافس في ظل انتهاء ولاية الاتحاد الحالي، وارتفاع سقف التطلعات الجماهيرية والإدارية لتطوير كرة القدم العراقية، وتحقيق نقلة نوعية على المستويين المحلي والدولي.
وقد حُدد يوم 16 سبتمبر/أيلول 2025 كموعد رسمي لإجراء الانتخابات، رغم تصاعد الأصوات المطالبة بتأجيلها، نظرًا لتزامنها مع مباريات الملحق الآسيوي المؤهل إلى كأس العالم 2026، والتي يخوضها المنتخب العراقي في توقيت حساس.
ترشيح ثلاثي يُشعل المنافسة
مؤخرا، صادقت اللجنة المشرفة على الانتخابات على ترشيح يونس محمود لمنصب رئيس الاتحاد، لينضم بذلك إلى عدنان درجال الرئيس الحالي، وإياد بنيان الرئيس الأسبق للهيئة التطبيعية، مما يضع الشارع الرياضي أمام سباق ثلاثي قوي ومفتوح.
يونس محمود.. نجم الميدان يسعى لقيادة الاتحاد
أكد يونس محمود، نجم منتخب العراق السابق، أنه قرر خوض الانتخابات بعد شعوره بالتهميش خلال فترة توليه منصب النائب الثاني لرئيس الاتحاد، مشيرًا إلى أنه لم يتمكن من تنفيذ خططه وأفكاره كما كان يتطلع.
وقال محمود في لقاء صحفي: "أنا رجل أفعال لا أقوال، والمرحلة المقبلة في الاتحاد العراقي تتطلب البناء والتطوير من أجل المستقبل."
وأضاف، إنه سيطرح مشروعًا متكاملاً لتطوير كرة القدم العراقية، معوّلًا على الدعم الجماهيري وثقة أعضاء الهيئة العامة، خاصة بعد نجاحه في تأمين دعم 33 صوتًا حتى الآن، بحسب مصادر رياضية.
وأكد محمود، أن ترشحه ينبع من إيمانه بروح الفريق والعمل الجماعي، مشددًا على أن العمل في الاتحاد يجب أن يُبنى على الشراكة الفعالة وليس الفردية.
33 صوتا ليونس محمود
وبحسب مصادر رياضية، فإن محمود نجح حتى الآن في تأمين 33 صوتًا من أعضاء الهيئة العامة، في طريقه نحو اعتلاء كرسي رئاسة الاتحاد.
ويُعد هذا الرقم مؤشرًا قويًا على الزخم الذي يحظى به ترشح محمود، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات المرتقبة.
ورغم التقدم اللافت ليونس محمود، فإن الطريق إلى رئاسة الاتحاد لن يكون سهلاً، في ظل وجود مرشحين آخرين من ذوي النفوذ والخبرة الإدارية، وهو ما يشير إلى انتخابات محتدمة قد تحمل مفاجآت في اللحظات الأخيرة، لا سيما مع استمرار المفاوضات والتقلبات في التحالفات.
إياد بنيان.. ورقة الخبرة والدعم الأولمبي
من جانبه، يستند إياد بنيان في حملته الانتخابية إلى خبرته الإدارية الواسعة، ودعمه من رئيس اللجنة الأولمبية العراقية عقيل مفتن.
وقد سبق له رئاسة الهيئة التطبيعية لاتحاد الكرة بين أبريل 2020 وسبتمبر 2021، ويشغل حاليًا منصب المستشار الرياضي لرئيس الحكومة، إلى جانب رئاسته السابقة لنادي الشرطة بين 2012 و2018.
عدنان درجال.. محاولة جديدة لإكمال مشروع لم يكتمل
أما عدنان درجال، الرئيس الحالي للاتحاد، فقد أعلن ترشحه للدورة المقبلة لرغبته في استكمال المشروع الذي لم يتحقق في ولايته الأولى، بسبب التباينات الكبيرة مع بعض أعضاء الاتحاد، حسب قوله.
ويرى أن المرحلة المقبلة تتطلب فريقًا منسجمًا يؤمن برؤيته وخططه لتطوير الكرة العراقية.
ويُعتبر درجال من أبرز الأسماء في تاريخ الكرة العراقية، حيث بدأ مشواره لاعبًا في الزوراء ثم الطلبة، قبل أن ينضم إلى نادي الرشيد عام 1984. وبعد الاعتزال، انتقل إلى مجال التدريب والإدارة، ثم غادر إلى قطر حيث عمل مع عدة أندية هناك. وفي عام 2021، فاز برئاسة الاتحاد العراقي لكرة القدم بعد حصوله على 48 صوتًا مقابل 16 صوتًا لمنافسه آنذاك شرار حيدر.
اجتماع تحضيري للملحق المونديالي
وسط هذا المشهد الانتخابي المحتدم، عقد رئيس اللجنة الأولمبية العراقية عقيل مفتن اجتماعًا في بغداد مع عدنان درجال، بحضور رئيسي ناديي الكهرباء وأمانة بغداد، إلى جانب الأمين العام للاتحاد محمد فرحان.
وناقش الاجتماع استعدادات المنتخب الوطني للملحق المؤهل لمونديال 2026، إضافة إلى القضايا المرتبطة بمشاركة العراق في البطولات الخارجية.
دعوات لعزل المنتخب عن أجواء الانتخابات
من جانب آخر، يقول الكاتب الرياضي علي الباوي، إنه من المؤمَّل أنْ تُجرى في أيلول المقبل انتخابات اتحاد الكرة ومن المتوقع أنْ تكون ساخنة أكثر من المعتاد ولكن من المبكّر الخوض في التفاصيل أو التكهّن بمجريات المنافسة، فما يهمنا بالدرجة الأساس مباريات الملحق التي ستُجرى بعد الانتخابات بأيّام.
ويؤكد أن الجماهير الرياضية ينتابها القلق من تزامن الانتخابات مع إقامة الملحق وبحسب معرفتنا بالطبيعة العراقية التحاربية فإنَّ هذا القلق يبدو لنا في غاية الأهمية لما يمكن أنْ تمتدَّ إليه التسقيطات الانتخابية في ظلِّ تنامي الخصومات وتبادل الاتهامات ولا سيما أننا طوال مدَّة التحضير للانتخابات سنكون أمام تصعيد متنامٍ بشأن إعداد المنتخب للملحق.
ويتابع، أملنا أنْ تكون الأطراف المتنافسة واعية لخطورة التوقيت الزمني ولمسألة تجنيب المنتخب العراقي أيَّ ملابسات من شأنها التأثير في معنويات اللاعبين. وهنا لا بد من التذكير بما قد يُخلّفه الإعلام السلبي من ضغوط نفسية كما حدث بعد لقاءي كوريا الجنوبية وفلسطين وإنهاء عقد المدرب الإسباني، لذلك على قادة الاتحاد النأي بالتنافس عن المنتخب وتوفير كامل الدعم للكابينة التدريبية التي ستكون مسؤولة عن ضبط الإيقاع والتركيز على الملحق.
ويضيف، على الاتحاد تسخير الإمكانات كلّها لعزل المنتخب عن تأثيرات انتخاباته، ويجب أن يكون هذا بميثاق شرف تُجمع عليه الأطراف كافة كي لا نجد أنفسنا أمام عقدة يصعب تفكيكها. منتخبنا الوطني يستحقّ منّا العمل بكلِّ مهنية في سبيل الحصول على بطاقة التأهّل لكأس العالم وعدم إعادة الكرة في مجازفات صعبة قد تكلفنا الكثير.
ويخشى الباوي أن يؤدي تأجيل الانتخابات إلى مزيد من الانقسامات داخل الوسط الرياضي، في وقت تحتاج فيه الكرة العراقية إلى استقرار إداري حقيقي، يواكب الطموحات القارية والدولية. ويبدو أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ملامح القيادة الجديدة للاتحاد العراقي، بين التمديد الطارئ والتغيير المنتظر.
وتأتي هذه الصراعات، في الوقت الذي يستعد فيه منتخب العراق لدخول اختبار حاسم في مسيرته نحو كأس العالم 2026، حين يخوض الملحق الآسيوي، وسط آمال جماهيرية كبيرة، وتحديات فنية وتكتيكية لا تقبل التأجيل.
بين الاستقرار والتغيير.. ما الخيار الأمثل؟
بين أصوات تطالب بتأجيل الانتخابات لتجنّب تأثيرها على المنتخب، وأخرى ترى ضرورة احترام موعدها تفاديًا لأي فراغ إداري، تبقى الكرة العراقية على مفترق طرق.
إذ إن أي تأخير قد يزيد الانقسامات، بينما يمثل إجراء الانتخابات في موعدها خطوة نحو حسم الصراع الإداري المتفاقم.
ويُنتظر أن تشهد المرحلة المقبلة تحديد ملامح القيادة الجديدة، في وقت يدخل فيه منتخب العراق أهم اختبار له في مشوار التأهل إلى كأس العالم 2026، وسط آمال وطنية كبيرة، وضغوط رياضية لا تحتمل المغامرة.
