بادرة عراقية تخطف أعين الفيفا: جماهير زاخو تنافس عالمياً على لقب "أفضل جمهور".. حملة دعم حكومية وشعبية واسعة

انفوبلس/ تقرير 

في مشهد يُجسّد المكانة المتصاعدة لكرة القدم العراقية على الساحة الدولية، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) رسمياً عن دخول جماهير نادي زاخو العراقي ضمن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة "أفضل جمهور في العالم" لعام 2025، وذلك في إطار جوائز The Best السنوية، التي تهدف إلى تكريم أبرز اللحظات الإنسانية والروحية في كرة القدم العالمية.

وتضم القائمة ثلاثة مرشحين فقط، بينهم اسم جماهير زاخو، إلى جانب مشجعَين من الأرجنتين وإسبانيا، ما يجعل المنافسة شديدة، ويمنح المشهد الرياضي العراقي فرصة نادرة لرفع اسم البلاد في أحد أهم المحافل الدولية.

جائزة عالمية بروح إنسانية

جائزة "أفضل جمهور"، التي يمنحها الفيفا منذ عام 2016، لا تعتمد على عدد الجماهير أو حجم الملاعب أو النتائج الرياضية، بل على قصص إنسانية ومواقف تجسد جوهر كرة القدم، وتُظهر الجانب العاطفي الذي يجعل اللعبة "الأكثر شعبية في العالم".

ووفق بيان الفيفا الرسمي، جاءت ترشيحات هذا العام بناءً على مبادرات ذات طابع إنساني مؤثر، كان من بينها المبادرة التي قدمتها جماهير نادي زاخو خلال مباراة فريقها أمام الحدود في 13 مايو/ أيار الماضي، حين ألقت آلاف الدمى المحشوة على أرض الملعب، لتُجمع لاحقاً وتُقدَّم للأطفال المصابين بالسرطان.

كما أشار الفيفا إلى أن اختيار هؤلاء المرشحين جاء بناءً على مساهماتهم البارزة في تعزيز الروح الرياضية والشغف في عالم كرة القدم، حيث جسدوا معاني الإخلاص والانتماء، مما جعلهم يتصدرون المنافسة على الجائزة.

وقد وصف الفيفا هذه اللحظة بأنها "من أجمل مشاهد الموسم"، معتبرًا أنها تعكس وجهاً راقياً للكرة العراقية.

ما الذي ميّز جماهير زاخو؟

المبادرة الإنسانية التي قدمها جمهور زاخو لم تكن مجرد حدث عابر؛ بل مثّلت حالة من التضامن الشعبي، وقد لاقت انتشاراً واسعاً في العراق وخارجه، لتصبح حديث مواقع التواصل وصفحات الإعلام الرياضي الإقليمي.

وذكر الفيفا في توضيحه: "أظهر مشجعو نادي زاخو لمسة إنسانية مميزة حين ألقوا آلاف الدمى المحشوة على أرض الملعب، حيث جمعت تلك الألعاب قبل انطلاق المباراة وتم التبرع بها للأطفال المرضى بالسرطان".

بينما قال بيان لنادي زاخو: إلقاء الألعاب داخل الملعب يجسد روحًا إنسانية نبيلة تُقدّرها الأوساط الرياضية في كردستان والعراق وآسيا، جماهيرنا هي نبض الفريق، ولا تتوقف عن جذب الأنظار بمبادراتها الإبداعية والمميزة.

ووفقاً للبيان الرسمي الذي نشره الفيفا، يضم المرشحون كل من أليخاندرو سيجانوتو، رئيس رابطة مشجعي نادي راسينج كلوب الأرجنتيني، والمشجع الإسباني المعروف بلقب "الطبال"، مانويل كاسيريس، بالإضافة إلى جماهير نادي زاخو العراقي.

وفي هذا السياق، قال عضو إدارة نادي زاخو طه الحكيم إن "المشاهد الإنسانية ليست جديدة على جماهير نادينا الرياضي، والذين أظهروا تلك الروح في أكثر من مناسبة، ومبادرة دعم أطفال السرطان شجع عليها الجميع، وكل من دخل الملعب حينها كان مسانداً ويبتسم ويرحب من كل قلبه بمجرد أن يسمع بالمبادرة". 

وأضاف: "إدارة النادي تعمل بشكل كبير جداً من أجل إيصال العلامة التجارية للفريق الكروي إلى أبعد نقطة في العالم، وترشيح فريقنا لهذه الجائزة سيمنح فريقنا شهرة كبيرة، ونحن نأمل أن يفوز جمهورنا بالمبادرة هذه المرة، رغم أن المشاركة وحدها كافية لكي يُسمع اسم الفريق في أهم المحافل الكروية بالعالم".

وبيّن قائلاً: "أعتقد أن ترشيح جماهير فريقنا لهذه الجائزة هي لأن جمهورنا أول من قام بهذه المبادرة وبما أن جائزة الاتحاد الدولي تركز على الجانب الإنساني، فلا أعتقد أن هناك إنسانية أروع من دعم أطفال مرضى بالسرطان ونحن نعد الجميع بأن جماهيرنا لديها الكثير من المبادرات الإنسانية التي ستقدمها في المستقبل".

إلى جانب الجماهير العراقية، ضمّت قائمة المرشحين كلا من أليخاندرو سيغانوتو، مشجع نادي راسينغ كلوب دي أفيلانيدا الأرجنتيني، إذ تم ترشيحه كمشجع مثالي لأنه يتنقل براً لمؤازرة فريقه في كل مكان من قارة أمريكا الجنوبية.

وكذلك ضمّت القائمة المشجع الإسباني الراحل مانويل كاسيريس المعروف باسم "مانولو الطبال"، الذي رحل في مايو/ أيار الماضي عن عمر ناهز 76 عاماً، بعد أكثر من أربعة عقود قضاها في تشجيع المنتخب الإسباني.

ويمنح الاتحاد الدولي لكرة القدم هذه الجائزة لتكريم اللحظات أو المواقف الإنسانية أو العاطفية التي تجسد روح كرة القدم من جانب الجماهير، ويتم اختيار الفائز عبر تصويت جماهيري عالمي على موقع فيفا الرسمي، وتمنح منذ عام 2016.

ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن الفائز بهذه الجائزة ضمن حفل جوائز الأفضل من طرف "فيفا"، والمقررة -عادة- إقامته في يناير/ كانون الثاني أو فبراير/ شباط من العام المقبل، إذ تأمل الجماهير العراقية أن تكون هي الفائزة بالمسابقة.

حملة حكومية لدعم التصويت

بعد إعلان الفيفا الترشيحات، دعا رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى دعم جماهير زاخو في سباق التصويت العالمي، مؤكداً أن هذا الترشيح يمثل “فرصة لرفع اسم العراق عالياً”.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيانه: "يؤكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني أهمية أن تقدم جماهير وروابط الأندية الرياضية العراقية الدعم والإسناد لجماهير نادي زاخو، من أجل رفع اسم العراق في جميع المحافل، وذلك من خلال التصويت عبر الرابط المخصص من الفيفا".

هذه الدعوة مثلت أول موقف رسمي حكومي يدعم مشاركة جمهور عراقي في مناسبة دولية على مستوى كرة القدم، الأمر الذي رفع من حجم الاهتمام الإعلامي والشعبي وأطلق موجة تضامن واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتزامناً مع الحملة الجماهيرية، كشف نادي زاخو عن تلقي جماهيره دعوة رسمية من رئيس اتحاد الكرة عدنان درجال لحضور مباراة المنتخب الوطني أمام الإمارات في ملعب البصرة الدولي. 

وقال عضو الهيئة الإدارية للنادي طه زاخولي إن "رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال، وجه دعوة رسمية إلى جماهير النادي من أجل حضور مباراة المنتخب الوطني أمام نظيره الإماراتي في إياب الملحق الآسيوي".

وأضاف أن "إدارة النادي وافقت على الطلب ويتخصص حافلات لنقل الجماهير من زاخو إلى البصرة، إذ ستحضر الجماهير بقوة في المباراة لمؤازرة أسود الرافدين وتحقيق الانتصار بإذن الله ليكون الفريق العراقي في الملحق العالمي المؤهل إلى كأس العالم".

هذه الخطوة ربطت بين الحدثين: دعم المنتخب الوطني، ودعم ترشح الجمهور للجائزة العالمية، ما أضفى مزيداً من الزخم على مشاركة جمهور زاخو في المشهد الرياضي خلال هذه الفترة.

ما الذي يمنح زاخو فرصة للفوز؟

برغم شهرة المنافسين، يرى محللون أن فرص جماهير زاخو ليست ضعيفة للأسباب التالية أولها المبادرة الإنسانية المؤثرة، أذ التركيز على دعم الأطفال المرضى يعطي للجمهور العراقي ميزة إنسانية قوية في التصويت. وكذلك الزخم الشعبي داخل العراق، حيث ان حملات التصويت تحولت إلى ظاهرة وطنية بمشاركة مئات الآلاف.

إضافة الى الموقف الحكومي الداعم، إذ ان تصريحات رئيس الوزراء منحت القضية بعداً وطنياً شاملاً، وتغطية إعلامية عربية ودولية حيث ان مقاطع الفيديو التي وثّقت لحظة إلقاء الدمى انتشرت بشكل واسع. بالإضافة مشاركة جاليات عراقية حول العالم ما يعزز الحضور على منصات الفيفا. 

تُعد جائزة "أفضل جمهور" فرصة فريدة لتقديم صورة إيجابية عن العراق، بعيداً عن خطاب الأزمات والصراعات الذي طالما طغى على تناول الإعلام الدولي للشأن العراقي.

وإذا ما فازت جماهير زاخو بالجائزة، فسيكون ذلك أول تتويج جماهيري عراقي عالمي على الإطلاق، الأمر الذي يضع الكرة العراقية في دائرة الاهتمام الدولي من زاوية جديدة تماماً. 

ما بين فرح الاعتراف الدولي وعبء المنافسة

ترشيح جماهير زاخو لا يحمل الجانب الاحتفالي فقط، بل يضع مسؤولية كبيرة على الجمهور العراقي، إذ يفتح الباب أمام مشاركات عراقية أخرى مستقبلاً، إذا ما أثبتت الجماهير أنها قادرة على تقديم مبادرات إنسانية مميزة تتجاوز حدود التشجيع التقليدي. 

وفي اتصال انفوبلس، مع بعض أعضاء إدارة النادي، أكدوا أن "جماهير زاخو ستواصل تقديم المبادرات الإنسانية خلال السنوات المقبلة، سواء فازت بالجائزة أم لم تفز".

الخلاصة، فإن جماهير زاخو ليست فقط في سباق عالمي على لقب "أفضل جمهور"، بل أصبحت عنواناً لصورة جديدة لكرة القدم العراقية، صورة إنسانية ومشرقة، تعبّر عن عمق المجتمع العراقي وروحه الدافئة.

وما بين دعم حكومي وشعبي وإعلامي واسع، ومعركة تصويت عالمية، تنتظر الجماهير العراقية لحظة الإعلان في نهاية الشهر، على أمل أن يكون هذا العام هو عام زاخو… وعام العراق.