دوري نجوم العراق ينطلق بموسم "استثنائي": الجولة الأولى تبشر بمنافسة شرسة وأداء هجومي لافت

انفوبلس/ تقرير

شهدت الجولة الأولى من دوري نجوم العراق للموسم 2025–2026 انطلاقة "استثنائية" مليئة بالإثارة والنديّة، عكست استعدادًا متقدمًا للأندية، وأظهرت رغبة قوية في تقديم مستويات فنية عالية، وسط تغطية جماهيرية وإعلامية كبيرة. 

وقد أجمعت معظم التحليلات الرياضية على أن هذه الجولة تمثل واحدة من أفضل بدايات الدوري في السنوات الأخيرة، مع تسجيل عدد وافر من الأهداف، ومنافسة حامية بين الفرق، وتحسن ملحوظ في مستوى التنظيم والإخراج التلفزيوني.

الأفضل خلال السنوات الأخيرة

أكد اللاعب الدولي السابق كريم محمد علاوي أن "الجولة الافتتاحية كانت واحدة من أفضل الجولات خلال السنوات الأخيرة"، موضحًا أن "الأندية استعدت بشكل جيد منذ وقت مبكر، مما انعكس على جودة الأداء داخل الملعب". وأشار علاوي إلى أن "أسلوب اللعب المفتوح والابتعاد عن الانكماش الدفاعي كان بارزًا في أغلب المباريات"، مضيفًا أن "جميع المباريات انتهت بفوز أحد الطرفين أو التعادل الإيجابي، وهو ما يعكس رغبة الفرق في المبادرة بالهجوم وتقديم كرة ممتعة للمشجعين". 

ولفت علاوي إلى تسجيل 24 هدفًا خلال الجولة، ما اعتبره مؤشرًا واضحًا على توجه الفرق نحو اللعب الهجومي، وهو ما يخدم تطور الكرة العراقية على المدى الطويل. وأبدى إعجابه بمستوى ملعب الناصرية الجديد، معتبرًا أنه أحد أفضل الملاعب التي احتضنت مباريات الجولة، داعيًا إلى ضرورة صيانته بشكل مستمر للحفاظ على جودته، خاصة في ظل معاناة غالبية الملاعب العراقية من مشكلات صيانة متكررة.

أما الصحفي الرياضي عباس هندي فقد وصف الجولة بأنها "أفرزت العديد من النقاط الإيجابية، أبرزها الظهور المميز للأندية الجديدة في الدوري، مثل ناديي الغراف والموصل، وتقديم عروض جماهيرية رائعة في ملاعب المحافظات". 

وأكد هندي أن "حضور جماهير المحافظات يمثل ملح البطولة، ويمثل عنصرًا أساسيًا لإعطاء المباريات رونقها وجاذبيتها"، مشيرًا إلى أن المشاركة المبكرة للأندية في الدوري رغم توقيته في منتصف أيلول، ستعود بالنفع على المنتخب الوطني قبل الاستحقاقات القارية، خاصة التصفيات المؤهلة لكأس العالم.

أما الحكم الدولي السابق رعد سليم، فأشاد بمستوى التحكيم خلال الجولة الأولى، موضحًا أن "لجنة الحكام اعتمدت أفضل الحكام الدوليين وذوي الدرجة الأولى لمباريات الجولة". وأضاف سليم أن "تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) ساهمت في تقليل الاعتراضات على القرارات التحكيمية وأسهمت في نتائج أكثر عدالة"، مشددًا على أن التحكيم يشكل عنصرًا أساسيًا في نجاح أي دوري، وأن هذه الجولة كانت نموذجًا جيدًا في هذا الجانب.

نقل تلفزيوني محترف يرفع جودة المشاهدة

كما أبدى المعلق الرياضي علي عنب ارتياحه الكبير من مستوى الجولة، وقال: "المستوى الفني تراوح بين المقبول والجيد جدًا، مع تسجيل عدد كبير من الأهداف، وهو ما يعكس رغبة الفرق في اللعب الهجومي". 

وأشار عنب إلى أن الحضور الجماهيري الكبير أضفى حماسة إضافية على المباريات، وأسهم في رفع نسق الأداء العام. كما أشاد عنب بالتغطية التلفزيونية التي قدمتها قناة العراقية الرياضية، معتبرًا أنها نقلة نوعية في جودة الصورة وتعدد زوايا التصوير والإخراج الاحترافي، وهو ما يعكس الاهتمام الكبير للمؤسسات الإعلامية بالموسم الجديد.

شهدت الجولة الأولى تغييرات واسعة في الأجهزة الفنية لمعظم الفرق، باستثناء فرق مثل النفط الذي حافظ على استقراره تحت قيادة عادل نعمة، وديالى بقيادة التونسي يامن الزلفاني ومساعده صادق سعدون. 

كما اعتمدت أغلب الأندية على دماء جديدة من اللاعبين المحليين والمحترفين الأجانب، ما جعل المباريات أكثر إثارة وتنافسية، خاصة للفرق التي خاضت مباريات خارج قواعدها. ولفتت هذه التغييرات انتباه الجهاز الفني للمنتخب الوطني بقيادة المدرب الأسترالي غراهام أرنولد، الذي حرص على متابعة مباريات الفرق في بغداد والمحافظات، لتقييم اللاعبين من منظور الانضباط الفني والتكتيكي قبل استدعائهم للمنتخب.

ورغم الإشادات الفنية، رافقت الجولة ملاحظة سلبية تتعلق بحالة الملاعب، حيث ظهر العشب في ملعب المدينة بمظهر باهت يميل إلى الاصفرار، ما أثر على جمالية المباراة التي جمعت الطلبة وزاخو. وأكد الخبراء أن تحسين أرضيات الملاعب أصبح ضرورة ملحّة لمواكبة التطور الفني للدوري، مطالبين بجهود أكبر من الأندية واللجان المختصة لضمان صيانة الملاعب بصورة مستمرة.

كما أظهرت الجولة أن التنافس بين الأندية العراقية على أعلى المستويات أصبح أكثر حدة، وأن الفرق أصبحت واعية بأهمية الأداء الجماعي والانضباط الفني، بالإضافة إلى الاهتمام بالجانب الإعلامي والتسويقي، ما يخلق قاعدة صلبة لمواسم مقبلة أكثر احترافية.

دور رابطة الدوري الإسباني "لا ليغا" في تطوير الكرة العراقية

شدد رئيس رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم "لا ليغا"، خافيير تيباس، على مخاطر القرصنة لمشاهدة المباريات، وتحديدا في العراق، كما أبدى إعجابه بالمواهب العراقية المحلية، وتوقع احتمالية وصولهم إلى الدوري الإسباني في السنوات المقبلة. 

في المقابل، حذر تيباس أن القرصنة المتفشية في العراق، تضر بالأندية واللاعبين والمنظومة الرياضية بالكامل، ويجب توجيه الجمهور العراقي نحو مشاهدة مباريات كرة القدم بالطرق القانونية، عبر الاشتراك مع المنصات والمحطات التي تبث الدوري الإسباني والبطولات الأخرى بشكل قانوني في العراق، وأبرزها منصة 1001. 

وقال تيباس: "هذه قضية مهمة جداً بالنسبة لكرة القدم بشكل عام، وبالنسبة لكرة القدم في العراق بشكل خاص.. هناك العديد من الأشخاص الذين لا يدفعون مقابل الاشتراك في خدمات بث المباريات القانونية، وهذا يضر كثيرا بالأندية واللاعبين". 

وأضاف: "الجهات المختصة والحكومات والبرلمان العراقي بإمكانهم أن يطبقوا ويحسنوا القوانين القائمة الآن في العراق، وتحديدا تقييد أو تجميد البث غير القانوني للمواطنين غير المشتركين في المنصات الرسمية لبث المباريات، بالنهاية، قرصنة المباريات هو نوع من أنواع السرقة".

وأكد تيباس أن شراكة "لا ليغا" والاتحاد العراقي لكرة القدم، والتي بدأت منذ سنتين، تركز على مشروع "رفع المهنية" في كرة القدم العراقية، ورسم مسار دوري محلي قوي. وقال تيباس أن هذا الأمر يحتاج بعض الوقت، ويحتاج " لتغيير بعض العقليات والثقافات السائدة"، ورغم ذلك، "نحن قطعنا خطوات مهمة حتى الآن"، على حد وصفه.

3 خطوات لرفع مستوى كرة القدم

وشدد تيباس على أن أبرز الخطوات التي يجب على الاتحاد العراقي اتخاذها للوصول لأعلى المستويات، وتحقيق دوري كرة قدم مستدام ماديا، وهي:

-يجب توفير بث سمعي وبصري بجودة عالية للمباريات.

-يجب توفير ملاعب بجودة ممتازة، بأرضيات عشبية تتسق مع أعلى البطولات.

-تبني سياسات الدفع مقابل المشاهدة للمباريات المحلية والخارجية، لأنه يضمن استدامة اقتصادية، وينعكس على العائد المادي ومستوى اللاعبين.

كيف تساعد "لا ليغا" الكرة العراقية؟

وأكد تيباس أن "كرة القدم العراقية مهمة جدا ولها قدرة تنافسية ذات جودة عالية، ولدى العراق لاعبون بجودة عالية، ويستحقون تلقي رواتب مرتفعة تعكس الجودة العالية". وأضاف: "هناك مجال لتحسين إدارة الأندية العراقية، وهناك لاعبون بإمكانهم المنافسة في دوريات مهمة جدا، وبالتالي من المهم تشكيل هيكلة مهنية للدوري وهو ما نعمل عليه مع الاتحاد العراقي".

وحول مواهب كرة القدم في العراق، أكد تيباس أن "في العراق هناك مواهب كثيرة، ولكن الفرق الأكبر في أوروبا هو مستوى التنافس والوتيرة الأكثر سرعة". 

وعندما سُؤِل حول إمكانية وصول نجوم العراق إلى الدوري الإسباني، قال تيباس: "لا يمكنني أن أؤكد أن ذلك سيحصل خلال عامين أو أقل، لكن أنا على يقين بأن هذا الأمر سيتحقق مستقبلا". وأضاف: "نرى

بالفعل الخطوات الكبرى التي تقوم بها كرة القدم العراقية، وقريبا، ليس فقط الدوري الإسباني، بل دوريات أوروبا الكبرى، ستبدأ باستقطاب اللاعبين العراقيين". وختم حديثه: "مع توفير كرة قدم مستدامة اقتصاديا، سيتعرف على اللاعبين العراقيين عدد أكبر من المهتمين، وذلك سيوسع حظوظهم ".

ويمكن القول إن الجولة الأولى من دوري نجوم العراق للموسم 2025–2026 مثلت مرحلة انطلاق واعدة ومليئة بالإثارة، وأظهرت تغييرات إيجابية على مستويات عدة، بما فيها الأداء الفني، التنظيم الإداري، التحكيم، التغطية الإعلامية، والحضور الجماهيري. ورغم بعض التحديات المتعلقة بالملاعب، فإن المؤشرات العامة تبشر بموسم مستقر، قادر على تعزيز مكانة الكرة العراقية محليًا وإقليميًا، وفتح آفاق أكبر للاعبين العراقيين على الصعيد الدولي.

إذا استمرت هذه الوتيرة من التطور والمتابعة المستمرة، سيكون الدوري نموذجًا يحتذى به في المنطقة، ليس فقط من ناحية المنافسة الرياضية، بل أيضًا من منظور الإدارة الاحترافية، والاستثمار الإعلامي، والبنية التحتية، ما يضمن استمرار النجاحات في المواسم المقبلة، ويعزز من مكانة العراق على الخارطة الكروية العالمية.