النواح على الحسين ومصيبته .. من هو زيد المجنون؟ ولماذا سُمّي بالمجنون؟
لا يُعرف له اسم غير زيد المجنون، وأنه من أهل مصر، موالٍ لآل البيت "عليهم السلام" ومحبّ لهم، لم ترد سنة ولادته ووفاته، ولكنّه عاصر المتوكّل العباسي. وهذه قصته مع الحسين عليه السلام
في يومٍ سمعَ بتخريب بنيان قبر الحسين (عليه السلام) وحرْثِ مكانه، فعظُمَ ذلك عليه واشتدّ حزنه وتجدد مصابه بسيده الحسين (عليه السلام)،
فلما غلب عليه الجَدُّ والغرام بلقاء سيده الهمام خرج من مصر ماشياً هائماً على وجهه، شاكياً وجده إلى ربه.. متخطياً الصعاب والأهوال، حتى وصل كربلاء،
وإذا بالقبر على حاله لم يتغير، وقد هدّموا بنيانه، وكلما أجروا عليه الماء، غار وحار واستدار، بقدرة العزير الجبار، فتعجب زيد المجنون مما شاهده،
انتبه حارث القبر إلى وجود زيد،
فأقبل يمشي نحوه، وقال له: من أين أقبلت يا شيخ؟
قال: من مصر
فقال له: ولأي شيء جئت إلى هنا؟! وإني لأخشى عليك من القتل.
فبكى زيد وقال: والله قد بلغني حرث قبر الحسين (عليه السلام)
فأحزنني ذلك وهيّج حزني ووجدي!!
فانكبَّ الحارث على أقدام زيد يقبلهما وهو يقول: فداك أبي وأمي،
فوالله يا شيخ من حين ما أقبلت إليَّ أقبلَتْ إليَّ الرحمة واستنار قلبي بنور الله،
وإني آمنت بالله ورسوله، فأنا حارث هذه الأرض بأمر المتوكل،
وكلما أجريت الماء إلى قبر الحسين (عليه السلام) غار وحار واستدار،
ولم يصل إلى قبره قطرة!
فبكى زيد وبكى الحارث وقال: أنا الآن ماضٍ إلى المتوكل بسر من رأى،
أُعرِّفُهُ بصورة الحال،
فقال له زيد: وأنا أيضا أسير معك إليه
قال: فلما دخل الحارث إلى المتوكل وأخبره بما شاهد من برهان قبر الحسين (عليه السلام)
استشاط غيظاً وازداد بُغضاً لأهل بيت رسول الله،
وأمر بقتل الحارث وصلبه
وأما زيد المجنون فإنه ازداد حزنه واشتد عزاؤه وصبر حتى أنزلوه -الحارثَ- من الصلب وألقوه على مزبلة هناك،
فاحتمله إلى نهر دجلة وغسَّله وكفَّنه وصلّى عليه ودفنه،
وبقي ثلاثة أيام لا يفارق قبره،
فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع صراخا عاليا، ونَوحا شجيّا،
وإذا بجنازة محمولة على أعناق الرجال.
فسأل أحدهم: من يكون هذا الميت؟
فقال: هذه جنازة جارية المتوكل!!
ثم إنهم بنوا عليها قبة عالية.
فلما نظر زيد إلى ذلك جعل يلطم وجهه،
ويحثي التراب على رأسه، وهو يقول: وا ويلاه وا أسفاه عليك يا حسين،
أتُقتل بالطف غريبا وحيدا ظمآنَ شهيدا،
وتُسبى نساؤك وبناتك وعيالك، وتُذبح أطفالك،
ولم يبكِ عليك أحد من الناس،
وتُدفن بغير غسل ولا كفن،
ويُحرث بعد ذلك قبرك ليُطفِئوا نورك.. ويكون هذا الشأن العظيم لموت جارية!! ولم يزَل يبكي وينوح حتى غشي عليه،
فلما أفاق من غشيته أنشد يقول:
أيُحرثُ بالطفِّ قبرُ الحسين
ويُعمَّرُ قبرُ بني الزانية
ألا لعنَ اللهُ أهلَ الفساد
ومَن يأمنُ الدُّنية الفانية
المصدر: بحار الأنوار ج ٤٥ - ص ٤٠٢ _ ٤٠٧.
#الوتر_الموتور
#شبكة_انفو_بلس