edition
إنفوبلاس
  • الرئيسي
  • كل الأخبار
    • سياسة
    • أمن
    • اقتصاد
    • رياضة
    • صحة
    • محليات
    • دوليات
    • منوعات
  • اقرأ
  • شاهد
  • انظر
  • انفوغراف
  • كاريكاتور
  • بودكاست
  • بلغتنا
  • من نحن
  1. الرئيسية
  2. محتوى
  3. من حكايا عراقيي المهجر

من حكايا عراقيي المهجر

  • 21 مشاهدات
من حكايا عراقيي المهجر

العلّامة السيد عبد الزهراء الحسيني شخصية لن تُنسى . 
   
لم أكن مسبوقاً بالتعرف على السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب قبل هجرتي من بغداد عام 1980 ، شابا تركتُ أهلي ووطني ويمَّمتُ وجهي تجاه المجهول ، وبعد هذا العام بآخر هاجرت تارة ثانية وهذه المرة من دمشق هادفاً الدراسة الدينية في الحوزة القُمّية ؛ بعدما لجأ إليها العديد من علماء حوزة النجف الأشرف وطلبتها ، حتى ليخال لك أن قطعة من النجف قد رُفعت  وبأرض قم قد وُضعت . 
    وأثناء الدراسة في مدرسة الشهيد الصدر للعلوم الإسلامية بقُم، سمعتُ لأول مرة بكتاب (مصادر نهج البلاغة وأسانيده) والثناء على مؤلفه العلّامة المحقق والأستاذ المدقق سماحة السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب ، ثم سمعت بعد ذلك  أنه قد وصل الى دمشق مهاجراً  ولجَور الظالمين هاجراً.  
    وفي عام 1986 وبعد خمس سنين من مكوثي بإيران عدتُ إلى دمشق ، وأنا أتشرف باعتمار العمامة وارتقاء المنبر ، وليس ذلك الشاب الذي كان يعيش مع بعض الشباب العراقيين في بيت من بيوت الشباب التي كانت في منطقتَي السيدة زينب (ع) وشارع الأمين ؛ عام 1980 ؛  والتي كانت تنمو باضطراد مع زيادة الهجمة الظالمة للنظام البعثي البائد  على الشباب الملتزم في العراق ، ثم بعد ذلك في مسكن صغير بحي الأمين مع زوجة وطفلة . 
   ومع أيام عودتي الأولى الى دمشق ومنطقة السيدة زينب (ع) ، لفت نظري وأخذ بمجامع قلبي ذلك السيد الجليل والإنسان النبيل؛ هيبة تملأ روحك وسكينة ووقار تسجد في محرابيهما ومحبة تستسلم  طائعا أمامها ، من هذا السيد ؟ سألت أحدهم ، فأجاب : إنه السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب ،  أهو صاحب المصادر ؟ سألت آخر : نعم هو وإجابة ثانية ، فبادرت إليه مسلّماً ولكفّه الشريف مصافحا ، حتى لقد خُيل إليّ أنني أعرفه من قبل هذا اللقاء ، فأحببته مذ رأيته ودَدته مذ لقيته . 
    ثم تبين لي سريعا أني لست الفائز الأول في هذا الشعور الأخّاذ المنجذب نحو شخصية سماحته ، بل قد سبقني إليه كل من لقيه وحظي بمعرفته وأسعدته الأيام بالاقتراب من سماحته ، وسيلحق بهم آخرون ممن سيهنأ بالتعرف عليه بعد ذلك . 
    يالله وما في قلب هذا الحبر الجليل والسيد الكبير من حب للآخرين !!! وحتى دون سابقة معرفة بهم ،  حُبّه لهم وعطفه عليهم وإشفاقه بهم وهم غرباء مهاجرين  ، فتراهم يبادلونه محبةً ويجسّدون له مودّة بتهافت على لثم يديه تقبيلا ، والنظر الى محيّاه تجليلا ،  والتماس الدعاء منه تفضيلا . 
   وكم يفرح ساكنو بيت من بيوت الشباب تلك ، حينما يسمعون بوقع عصا السيد تقرع ابوابهم يزورهم ويشاركهم في طعامهم وربما حمل معهم (مسواگا) لهم ، ثم يحدثهم بأبويّة وشفقة فيُنمّي اخلاقهم ويحل مشكلاتهم ويغدق عليهم من جميل عطائه وجود كرمه . بابتسامته المعهودة والأرواح إليه مشدودة . 
  حتى لقد لاطفه ذات يوم  أستاذنا الدكتور الشيخ الوائلي (رفع الله درجته) قائلا  : سيدنا بِعْ عليَّ (خرزة) العزائم التي عندك ، وهو يرى شدّة حب المجتمع المهاجر الغريب للسيد العلامة الخطيب !!! 

     ولم يكن عطاء (السيد) هذا بمكان محدودا وبغيره مفقودا ، بل كان أينما حلّ وحيثما لُقي ، في حرم السيدة زينب (ع) مغرب كل يوم وفي مناسبات المهاجرين وبيوتهم وأماكن عملهم ، بل و حتى لمن في الشارع يلتقيهم . 
   كما كان يُقصد - تغمد الله نفسه الزكية بواسع رحمته - الى داره بحي المزّة ، وقد زرته صباح يوم جمعة وكان ضاحكا مستبشرا  ، فسألته عن سببهما ، فعلمت أن كان  لسماحته موعدان مع اثنين من الذين يغترفون من نبع كرمه وينتهلون من نمير قِراه ؛ أحدهما عنده مشروع زواج وقد هيّأ السيد له ظرفا مكتنزا ، والثاني يلتمس فضله في أمر عادي ،  وقد أعدَّ له  ظرفا أرشق من الأول .( وكان سماحة السيد من ظرفه ولطفه أنه يطلق على مثل هذه الظروف  مصطلح "ضمير مندحس"  !!) . 
   وصادف أن جاء صاحب الظرف الرشيق أولا ، فما كان من سماحة السيد إلا أن ناوله أحد الظرفين ، دون تدقيق ما فيهما - والكريم لا يدقق - فلما نزل من البناية التي يسكنها السيد وصار في الشارع ، رآه السيد فرحاً يقفز في الهواء من شدة فرحه ، فلما عاد الى الظرف الباقي اكتشف السيد  أنه أعطاه الظرف المكتنز ، فوجد مستلمه عطاءً لم يكن ليحلم به، وراح السيد بدوره يضحك لضحكه ويسر لسروره  ويفرح لفرحه ، ثم قام بإصلاح الظرف الرشيق ليعود مكتنزا بانتظار صاحبه الأصيل .  
أرأيت مثل هذه النفس الكبيرة التي لا تبخل بعطاء ، وتفرح لفرح ذوي الحاجات وتدعو لهم .!؟ 
   لقد كانت جوانب شخصية السيد رحمه الله متعددة وذات أبعاد متنوعة ، وفي مجلس لي بدمشق  قلته في تأبينه : إننا أمام السيد عبد الزهراء الحسيني  في منظومة رائعة من الأخلاق والمواقف النبيلة ، حتى إنك لتحتار من أيها تبدأ وعند أيها تقف .    
  هذا وقلم السيد لم يقف ومداده لم يجف وهو في دار هجرته ومنأى غربته وخريف عمره ؛ باحثا ومحققا ، ومؤلفا ومدققا، مع محبته للناس ومحبتهم له

وما تأخذه هذه العلاقات من أزمنة وأوقات . 
إن السيد عبد الزهراء (قدس الله نفسه) ، وإن كان لقبه خطيبا ، إلا أنه كان عالما أكثر من كونه خطيبا ، ولكن حبه للحسين (ع) وعشقه لمنبره ، ورغبته في اعتلاء أعواده وحتى الى سنين متأخرة من عطاء عمره ، أكسبه هذا اللقب ففاز بتلك الرتب . وقد سمعته مرارا يقول : لو خُيّرت بين أن أكون مرجعا عظيما او أن أكون خطيبا نافعا متمكنا ، لاخترت أن أكون خطيبا حسينيا .  
   أقول هذا وأنا أعتقد أني قد أكون من أقل الذين استصحبوه وعرفوه ،  في مواقفه النبيلة ، وأخلاقه الجليلة  أو في حبهم له وتعلقهم به ، لأن السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب مشروع محبة وأطروحة خلق ورسالة نبل . 
   ولهذا تجد الحنين إليه والشوق له والاحتفاء به ، ظواهر إنسانية متفردة ، وحاضرة وبقوة ، لكل مَن عرفه فأحبه و لقيه فانجذب إليه.   
    اكتب هذه السطور ونحن نعيش ذكرى رحيله المؤلم  في يوم 24/12/1993 ، يوم ضجّت دمشق وهي تحمل جثمان السيد الخطيب ليجاور عمته السيدة زينب (ع) ويُدفن في مقبرة الغرباء هناك ،  وقد بكته العيون دماً ونعته القلوب ألماً ، ثم تواصلت مجالس الفاتحة لتأبين روحه الطاهرة ،  لأكثر من أسبوعين متتاليين بدمشق ومن كل الأطياف ، ومختلف المشارب ، غير تلك التي أُقيمت بلندن ودبي وقم وأماكن مختلفة من العراق  والعالم. 

رحم الله السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب السيد الإنسان وإلى روحه وأرواح أهله وولدَيه الفاتحة. 

فيصل الكاظمي

شبكة عراقية اعلامية

  • الرئيسية
  • مقالات
  • فيديو
  • كاريكاتور
  • إنفوغراف
  • سياسة الخصوصية

جميع الحقوق محفوطة