جرت العادة حتى عام 1976 أن يكون عزاء الأربعين الأكبر هو عزاء النجف (عزة المشاهدة) إذ تخرج المواكب النجفية سيراً في ميقات بحيث تشكل موكباً موحداً يصل كربلاء ليلة الأربعين ويكون أداء اللطم واحداً تشارك فيه جموع المعزين من كل أنحاء العراق.
بعد نكسة 1977 عندما صدر قرار منع المسير وما تلاه من كسر للقرار ووقوع مذبحة خان النص المعروفة بانتفاضة صفر، حيث انقضّ الجيش وجلاوزة الأمن على المعزين بالأسلحة الثقيلة وقتلوا واعتقلوا المئات، انقطع ذلك العزاء.
في عام 1978 أراد صدام حسين أن يستميل الشيعة ويخفف حالة الحنق والسخط سمح بإقامة العزاء في كربلاء دون الخروج سيراً، ولأنهم يعرفون كفلاء العزاء وقرّاءه توقّعوا من المعزين أن لا يأخذهم الحماس كثيراً.
كان الرادود لذلك العام هو المرحوم الملا وطن الذي يقرأ لشاعره الثوري الشهيد عبد الحسين أبو شبع المعروف لدى السلطة والعوام ببغضه الشديد لحزب البعث والشهير برمزياته ضدهم.
وفي ذلك العام قرأ الملا وطن النجفي قصيدة (رحنة بضعينة) وكان الحماس العزائي أكثر من أي عام مضى، واعتبر البعثيون أن القصيدة تستهدفهم بأسلوب رمزي تحاكي أحداث العام الماضي وتشير إلى مظلومية المعزين وعودتهم بعد جَور حكامهم.
لم تدُم سلامة الشاعر طويلاً فبعد شهور عدة أرسلت مديرية أمن النجف في طلبه بحجة الاطلاع على بعض المستهلات، وقد سقَوه شاي الضيافة (الإجباري) وخلَّوا سبيله. استغرب الشاعر من عدم التحقيق معه ومن مجاملتهم غير المألوفة.
وأبلغ ذلك بعض أصدقائه تلك الشكوك. وما إن نام تلك الليلة حتى استيقظ أحد أبنائه ليرى والده يرتجف في الفراش، ووافته المنية تلك الليلة في المستشفى، حيث أخبرهم الطبيب بسبب وفاته أنه تجرع سماً قاتلاً فاضت به روحه مع شهداء طريق الحسين "ع".