الاستقلالية العسكرية لإيران.. استراتيجية حاسمة لمواجهة العقوبات والتهديدات العسكرية.. تعرف على تفاصيل آخر التطورات
انفوبلس..
في خضمّ التوترات المتصاعدة بين طهران وخصومها الغربيين، تبدو الجمهورية الإسلامية واثقة من جاهزيتها الشاملة عسكريًا واقتصاديًا وأمنيًا، مؤكدة قدرتها على خوض أي مواجهة محتملة دون الحاجة إلى إسناد خارجي. هذا الموقف يكشف عن استراتيجية إيرانية جديدة، ترسم ملامح مرحلة ردع حاسمة بوجه الضغوط الأميركية والإسرائيلية والأوروبية.
تحليل تفصيلي
وفي حديث متلفز، أكد الدبلوماسي الإيراني السابق، أمير موسوي، أن الجمهورية الإسلامية لن تطلب إسناد أطراف محور المقاومة في أي مواجهة محتملة، رغم أن الولايات المتحدة وإسرائيل تخططان لاستهداف المحور في عدد من دول المنطقة، لافتاً الى أن إيران أوشكت على إنهاء الاستعدادات العسكرية والأمنية والاقتصادية لتجنب أي “مفاجئة” قادمة.
كما كشف موسوي عن اشتراط الأوروبيين عودة طهران للمفاوضات المباشرة مع واشنطن، والسماح بدخول المفتشين الدوليين خلال شهر واحد فقط، وهو ما يرفضه المرشد خامنئي بشدة، الأمر الذي قد يؤدي الى تفعيل ما يعرف بـ”استراتيجية الزناد” لفرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران، بالتزامن مع حديث متصاعد عن قرب حملة عسكرية واسعة ضدها.
وقال موسوي، إن "إيران مستعدة لكل شيء من الناحية العسكرية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية، ومجلس الأمن القومي قد شكل، ومجلس الدفاع رتّب أوراقه بقيادة السيد علي لاريجاني، ورتبنا أوراقنا على المستوى الاقتصادي أيضاً، ومخزوننا من المواد الغذائية والمحروقات قد رُتب، وهناك ترتيبات على مستوى الرأي العام الإيراني، ولن تحدث مفاجآت إذا حدثت المواجهة المرتقبة".
وأضاف، إن "كل العناصر القيادية والعسكرية والأمنية أخذت مواقعها الصحيحة ومستعدة، ولم يتبق سوى موقع أو موقعين سيشهدان التغيير قريباً، وإحدى هذه التغييرات في المواقع العسكرية ستخلق صدى كبيراً، وكل ما يجري بإشراف وتوجيه الإمام الخامنئي، وهناك هدوء سياسي في الداخل الإيراني، والكل يركز على كيفية مواجهة الاعتداءات الأميركية المحتملة".
وتابع، إن "استراتيجية السناب باك، أو آلية الزناد، تعني فرض العقوبات الأوروبية إذا لم تلتزم إيران بالاتفاق النووي، ولكن طهران التزمت بهذا الاتفاق لمدة سنة ونصف قبل انسحاب واشنطن من الاتفاق، والتزمت به لمدة عام بعد انسحابها، ومع ذلك الدول الأوروبية الثلاث تماشت مع العقوبات الأميركية ولم يحوّل دولار واحد الى المصارف الإيرانية رغم رفع العقوبات عن نظام سويفت بقرار من مجلس الأمن، ولذا فَرْضُ العقوبات الأوروبية علينا غير قانوني ويعبّر عن التماهي مع السياسة الأميركية والصهيونية ضدنا".
وأشار إلى أن "دول الترويكا طلبت من إيران تنفيذ شرطَين لكي تؤجل فرض العقوبات وليس لإلغائها، وهي السماح للمفتشين الدوليين بالدخول الى المواقع النووية التي ضُربت والدخول بمفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، وهذه شروط غير معقولة، لأننا ضُربنا خلال المفاوضات السابقة، والعودة الى المفاوضات أمر مرفوض تماماً على لسان الرئيس بزشكيان والإمام الخامنئي، لأنها تعبّر عن استصغار الجمهورية الإسلامية وتعبّر عن إخفاء نوايا سيئة".
وبين، إن "التهديد بإدخال إيران الى البند السابع لن يخيفنا، لأنه ينص على استعمال الخيارات العسكرية في حال لم ترضخ الجمهورية الإسلامية لشروط الاستكبار، ولكن هذا حصل بالفعل وتعرضنا لضربة من قبل إسرائيل وأميركا، و”المبلل ما يخاف من المطر”، وما نحضره خلال هذه المرحلة سيكون بأضعاف ما رأته أميركا خلال المرحلة السابقة، والراية البيضاء التي رفعها ترامب بعد قصف قاعدة العديد، أعتقد أنه سيرفعها مرة ثانية".
ونوه إلى أن "إيران لم تطلب من محور المقاومة أي إسناد خلال حرب الـ 12 يوماً، لأنها كانت مكتفية بما لديها من إمكانيات، وفي المواجهة المقبلة نحضّر لما هو أكبر ولدينا الإمكانيات الكافية، ولا أعتقد بأننا سنحتاج الى تدخل أطراف المحور، مع أن المواجهة ستكون مباشرة مع إسرائيل والمصالح الأميركية في المنطقة، ولكن أميركا وإسرائيل تحضّران لضرب أهداف لعدد من أطراف محور المقاومة في المنطقة".
وأكد، إن "الغرب يدفعنا نحو القنبلة النووية، وما يمنعنا هو الفتوى الشرعية فقط، لأن التقنيات موجودة، وكلما زاد الضغط الغربي كلما اقتربنا من امتلاك السلاح النووي، وبإمكانهم أن يدفعوا إيران الى المفاوضات وأن يطلبوا التفاوض بأدب، وبالإمكان أن نحصل على اتفاق أفضل من اتفاق 2015".
وفي ظل تصعيد التوترات الإقليمية المتواصل، يطلّ علينا حديث موسوي، ليؤكد ثقة طهران العالية بقدراتها الذاتية وموقفها الرافض لأي تدخل خارجي، لا سيما من محور المقاومة، في حال اندلاع مواجهة محتملة. كلامه يرسّخ سردًا جديدًا حول استقلالية قوى إيران الإقليمية وتجهيزاتها المتكاملة على المستويات العسكرية، الأمنية، الاقتصادية، والاجتماعية.
استقلالية الدفاع والتكتيك التهديفي
تراجعت إيران عن الاعتماد على دعم حلفائها التقليديين، واختارت الاعتماد على قدراتها المحلية. تقارير أخرى تشير إلى تعويض النظام الدفاعي الجوي الذي تضرر خلال الحرب الأخيرة ضد إسرائيل باستخدام أنظمة محلية مسبّبة. هذه المرونة في الصمود تُبرز قدرة الجمهورية الإسلامية على إدارة أزماتها دون الحاجة إلى دعم خارجي.
جدلية التفاوض و"آلية الزناد"
يدحض موسوي مطالب الأوروبيين بضرورة العودة للمفاوضات المباشرة مع واشنطن والسماح للمفتشين الدوليين خلال مدة شهرٍ واحد، مبرزًا رفض طهران الحازم تحت قيادة المرشد خامنئي لذلك. هذا الموقف يتناغم مع تصريحات أخرى من دوائر إيرانية عليا تُطالب بالاحتفاظ بقدرة الرد والضغط، رغم التهديدات بإعادة فرض “آلية الزناد” أو “السناب باك” للعقوبات.
الموازين الداخلية
على الصعيد المحلي، تكشف تطورات متسارعة عن عدة اتجاهات وآراء في الداخل الإيراني. حيث تُشير تقارير إلى أن قائد الأركان الجديد، الجنرال عبد الرحيم موسوي، يلعب دورًا مركزيًا في إدارة الموقف العسكري تحت إشراف السيد علي الخامنئي. في المقابل، بعض المسؤولين، أمثال الرئيس بزشكيان، يعبّرون عن نية إيران بعدم السعي وراء الحرب لكنه سيُواجهها بكل قوة إذا طُبّقت.
الضغط الأوروبي والمحكمة الدولية
الغرب يُقدم على خطوات قوية—بريطانيا وفرنسا وألمانيا بصدد تفعيل آلية "السناب باك" لإعادة فرض العقوبات خلال أسابيع، ما يعكس ضغوطًا كبيرة على إيران لوقف تخصيب اليورانيوم أو السماح بالمفتشين. إيران تُسجل هذا القرار باعتباره "غير قانوني"، وتراه محاولة للتماهي مع رؤى السياسة الأمريكية والإسرائيلية.
كلام موسوي يصبّ في إطار "رسالة" خارجية برفض العودة إلى طاولة التفاوض دون تنازلات أخلاقية مقدّرة، وبأن طهران جاهزة لأي مواجهة. الخبر يعيد تأكيد أن طهران ترى التصعيد ليس فقط خيارًا دفاعيًا بل اشتراطًا للمفاوضات المستقبلية، معززًا من مخزونها الأمني والتقني، ومستعدًّا لإطلاق ردودٍ مُضاعفة إذا دعت الضرورة. هذا التناقض بين الاستعداد للحوار والرفض القطعي يُظهر تعقيد الساحة الدولية حول الملف الإيراني.
موسوي لا يقدّم فقط تأكيدات حول قدرات إيران الذاتية، بل يرسم مسارًا إعلاميًا ودبلوماسيًا يستهدف رسم صورة الجمهورية المستقلة القوية القادرة على الردع، في مواجهة ضغوط موحّدة من الغرب وإسرائيل. رفض العودة للتفاوض دون ضمانات، مع استعراض القدرة على الرد والعزيمة السامية، يبرهن أن إيران تحاول تحقيق توازن دقيق بين موقف حازم وآخر مفتوح بعمق شروطها.


