حكومة السوداني تصافح قاتل العراقيين.. ماذا وراء لقاء الشطري بالإرهابي "الجولاني" في سوريا؟
انفوبلس/ تقرير
أثارت زيارة الوفد الرسمي العراقي، الخميس، إلى العاصمة السورية دمشق للقاء الإدارة السورية الجديدة، استغراب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك الأوساط الشعبية والسياسية، لاسيما وأن الحكومة العراقية قد أصدرت مذكرة قبض بحق "زعيم هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع المعروف بـ"أبو محمد الجولاني" الحاكم الفعلي لسوريا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، فكيف كانت ردود الفعل وما هي نتائج الزيارة؟
ويسلط تقرير "انفوبلس" الضوء على كافة التفجيرات التي استهدفت المدنيين العراقيين والتي يتهم القضاء العراقي والسلطات الأمنية الجولاني بارتكابها والمسؤولية عنها.
وكان وفد رسمي عراقي برئاسة حميد الشطري رئيس جهاز المخابرات العراقي قد وصل ظهر الخميس الماضي، إلى قصر الشعب للقاء الإدارة السورية الجديدة في العاصمة السورية دمشق.
وأثناء مصافحة "الشرع" مع رئيس جهاز الاستخبارات العراقي حميد الشطري بقصر الشعب في دمشق، بدا أن الأول يحمل مسدساً تحت سترته. وأثارت اللقطات التساؤلات عن سبب حمل الشرع سلاحا في لقاء مع مسؤول رسمي، ضمن لقاءاته المتعددة التي أجراها مع وفود أجنبية منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر الجاري.
وتساءل متابعون، لماذا يحمل الشرع المسدس في هذا اللقاء بالتحديد، دوناً عن اللقاءات الأخرى؟
وكان المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، كشف الخميس أن وفدا عراقيا برئاسة الشطري اجتمع مع الإدارة السورية الجديدة في دمشق. وقال العوادي إنه جرى أثناء اللقاء مناقشة التطورات على الساحة السورية، مشيرا إلى أنه "تم بحث متطلبات الأمن والاستقرار في الحدود المشتركة بين البلدين".
ويشكل تنامي نشاطات "داعش" الإرهابي في عمق البادية السورية المحاذية للحدود العراقية، مع سقوط نظام بشار الأسد، تهديدا على العراق، إذا تمكن إرهابيو التنظيم من السيطرة على الحدود السورية العراقية، ونجحوا مجددا من اجتيازها.
*وصمة عار جديدة
أكد القيادي بمنظمة بدر ومسؤول محور الشمال محمد مهدي البياتي، أن زيارة الوفد العراقي ولقاءه برئيس السلطة السورية المؤقتة أحمد الشرع جاء بعد ضغط أمريكي على الحكومة العراقية، واصفاً اللقاء بأنه "وصمة عار جديدة".
وقال البياتي، إن "لقاء وفد العراقي مع الشرع يأتي في سياق الضغوط الأمريكية الرامية إلى تبييض صفحته وتبرئته من الجرائم التي ارتكبها في العراق والمنطقة، بهدف فرض أمر واقع جديد"، واصفاً الشرع بأنه "إرهابي".
وأضاف البياتي، إن "سياسة فرض المجرمين وأصحاب السوابق على الشعوب ليست بالأمر الجديد في الاستراتيجية الأمريكية، بل تمثل نهجاً قديماً ومستمراً يعكس سعيها الدائم إلى دعم شخصيات تتماشى مع تاريخها الحافل بالجرائم، منتقدا اللقاء الذي وصفه بأنه "يشكل وصمة عار جديدة تُضاف إلى سجل الولايات المتحدة المظلم ومَن يسايرها من الحكومات".
وتابع البياتي، "أما موقف الشرفاء فهو واضح وثابت: "سِلمٌ لمَن سالمكم، وحربٌ لمن حاربكم إلى يوم القيامة، وستظل أيادينا على الزناد دفاعًا عن الحق وتأكيدًا على النهج الإلهي".
وفي وقت سابق، كشف ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، عن كواليس سبقت زيارة رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري إلى سوريا، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أخذ موافقة الكتل السياسية قبل إرسال الشطري إلى دمشق.
وقال القيادي في الائتلاف عصام الكريطي، بأن إرسال الحكومة العراقية وفداً رسمياً يمثلها إلى دمشق واجتماعه مع الإدارة السورية الجديدة، جاء بضغوطات أمريكية وكذلك خليجية من أجل تواصل بغداد مع دمشق بعد التطورات الأخيرة.
كما بين، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لم يخطُ هذه الخطوة إلا بعد التشاور وأخذ الموافقة من قبل الكتل والأحزاب السياسية، وخاصة الإطار التنسيقي، وقوى ائتلاف إدارة الدولة.
من جهته، انتقد النائب عن محافظة النجف هادي السلامي، لقاء الشطري بأحمد الشرع، واصفًا هذه الخطوة بأنها "متسرعة وغير موفقة" من قبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. وأشار السلامي عبر حسابه على منصة "أكس" إلى أن "الجولاني داعشي مجرم قتل العشرات من العراقيين، وكان معتقلاً في سجن بوكا".
وفي السياق، كشف مصدر مقرب من الحكومة العراقية، أن زيارة الشطري "لها عدة أهداف، أبرزها التأكيد أن العراق ليس لديه موقف سلبي من الإدارة الجديدة ولا يريد أن يتدخل في الشأن السوري".
وقال المصدر، إن "العراق لديه مخاوف من خطر عودة داعش والمجاميع المتشدّدة إلى أراضيه من جديد. ولهذا، أرسلت الحكومة وفداً أمنياً بحتاً لغرض تأمين الحدود وإعطاء التطمينات للإدارة الجديدة بأن بغداد لن تسمح للفصائل المسلحة العراقية بالتدخل في شؤونها".
وأشار إلى أن "الوفد أبلغ الإدارة الجديدة بخطورة بقاء إرهابيين في سجون تسيطر عليها قوات قسد، التي قد تستخدمها مستقبلاً ورقة ضغط لتهديد أمن المنطقة وخاصة سوريا والعراق، من أجل تحقيق مصالح معينة تخدمها في شمال سوريا وشرقها".
ونقلت "الوكالة الحكومية"، عن مصدر وصفته بـ"الرفيع" تفاصيل اللقاء بين الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، ورئيس جهاز المخابرات الوطني، حميد الشطري.
وقال المصدر، إن "المباحثات التي أجراها الوفد العراقي برئاسة رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري كانت أمنية وركزت على الملفات المرتبطة بها"، مبينًا أن "الوفد العراقي ناقش مع الإدارة السورية الجديدة حماية الحدود والتعاون بشأن منع عودة نشاط عصابات داعش الإرهابية وكذلك حماية السجون التي تضم عصابات داعش داخل الأراضي السورية".
ولفت إلى أن "الوفد العراقي عرض أيضًا تصورات وطلبات العراق حول احترام الأقليات والمراقد المقدسة"، مضيفًا أن "العراق بلد مؤثر في المنطقة ولا بد من التعامل مع الملفات الراهنة بمنطق الدولة".
وبحسب المصدر، فإنّ "الإدارة السورية الجديدة أبدت دعمها لمطالب العراق ومخاوفه بما يتعلق بالملفات التي جرى النقاش حولها".
أما مدير مركز الرفد للدراسات السياسية، عباس الجبوري، فأعرب عن اعتقاده بأن "الزيارة تحمل رسائل عدة على المسارين السياسي والأمني، ولا سيما أن العراق مجبر على التماشي مع الواقع الحالي لسوريا".
وحذّر الجبوري من "التعامل بشكل مطلق مع الإدارة الجديدة، لأن تجربتها لم تنضج بعد، ولم توضح نظام حكمها: هل هو إسلامي متطرف أو ديموقراطي وطني؟ وهذا يحتاج إلى التأنّي والتعامل بحذر، خاصة أن الذين أسقطوا بشار كانوا سابقاً مع تنظيمَي القاعدة وداعش".
ويخشى العراق من عودة سيناريو عام 2014 عندما تمكن تنظيم "داعش" الارهابي من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام و"الفصائل المعارضة" في السنوات الماضية.
وقامت القوات العراقية بتعزيز قواتها في الشريط الحدودي مع سوريا بعد أن تراجع الجيش السوري بقيادة نظام الأسد أمام المجاميع المسلحة لغاية أن تمكنت من إسقاط النظام في غضون أيام معدودة.
وعقب سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول ديسمبر الحالي، عقدت إدارة العمليات العسكرية برئاسة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) اجتماعا مع رئاسة حكومة النظام السابق، وتبع ذلك تسليم الحكومة السابقة لملفات الوزارات والإدارات العامة إلى حكومة إنقاذ، لتصبح حكومة تسيير أعمال مؤقتة لمدة أقل من 3 أشهر، يرأسها محمد البشير.
*انفوبلس تنشر جردة بجرائمه في العراق
أدرج أدناه معلومات سيرية خاصة للتعريف بأبي محمد الجولاني/ أحمد الشرع. يليها جرد بعدد من جرائم التفجيرات التي استهدفت المدنيين العراقيين والتي يتهم القضاء العراقي والسلطات الأمنية الجولاني بارتكابها والمسؤولية عنها:
*بعد الاحتلال الأميركي للعراق سنة 2003 سافر "أبو محمد الجولاني" إلى العراق وانضم إلى تنظيم القاعدة الارهابي وسرعان ما ارتقى في صفوفها وأصبح مقرباً من زعيمها آنذاك أبو مصعب الزرقاوي.
*قُتل الزرقاوي في 7 حزيران 2006 في غارة أميركية، فغادرَ الجولاني العراق واستقر في لبنان لفترة. وهناك قدم خدماته العسكرية واللوجستية لجماعةِ جند الشام المُسلّحة السلفية.
*عاد إلى العراق لكنَّه اعتُقل من قبل جيش الاحتلال الأميركي واُحتُجز في مُعسكر بوكا الشهير الَّذي كان يضم الآلاف من السلفيين التكفيريين ومنهم أبو بكر البغدادي زعيم "داعش" لاحقا وأغلب كوادرها.
*أطلق الأميركيون سراحه هو والمئات من زملائه من سجنِ بوكا في عام 2008م؛ واستأنف عمله ونشاطه المسلح إلى جانب أبو بكر البغداديّ زعيم "داعش". برز الجولاني بسرعة في العمليات العسكرية والتفجيرية التي شارك فيها فعيّنه البغدادي رئيساً لغرفة عمليات محافظة نينوى بعد التفجيرات التي حدثت بمشاركته.
*حين بدأت الانتفاضة السلمية في سوريا ضد نظام بشار الأسد في عام 2011م انتقل الجولاني إليها ولعب دورا مهما في التخطيط لتأسيس فرع لـ"داعش" في سوريا وشكّل ما عُرف باسمِ "جبهة النصرة". كانت هذه المجموعة بمثابة الفرع السوريّ لدولة العراق الإسلاميَّة بقيادةِ أبو بكر البغداديّ الذي سهّل على الشرع مأموريّته بعدما مدّهُ بالمُقاتِلينَ والأسلحةِ والمال.
*اختلف الجولاني مع البغدادي ورفض أوامره بتصفية تنظيمه الخاص جبهة النصرة وإدماجه مباشرةً في "داعش" الارهابي.
*نقل الجولاني ولاءه إلى تنظيم القاعدة وبايع الظواهري بشرط أن يبقى زعيما لجبهة النصرة، فتمَّ له ذلك.
*انقسمت جبهة النصرة بعد فترة إلى شقين، قسم التحق بالبغدادي و"داعش"، وقسم بقي مع القاعدة والظواهري بزعامة الجولاني.
*هذا التغيير في سلسلة الولاء جعل النصرة فرعاً للقاعدة في سوريا. على الرُّغم من تقديم الجولاني يمين الولاء لأيمن الظواهريّ. لكن أبو بكر البغداديّ رفض هذه الازدواجية وطلب توحيد المنظمتين تحتَ مظلّة واحدة مما تسبّبَ في اندلاع اشتباكات بين جبهة النصرة وداعش للسَّيطرةِ على جزء من الأراضي السوريَّة التي تسيطر عليها.
*بحلول تشرين الأوَّل 2015م؛ دعا الجولاني إلى شنّ هجمات إرهابية طائفية ضد قرى العلويين في سوريا حيث قال: "لا يوجد خيارٌ لدينا سوىٰ تصعيد المعركة واستهداف البلدات والقُرى العلويَّة في اللاذقية". كما دعا إلى شنّ هجمات ضدّ الرُّوس بسبب دعمهم للنّظام السُّوريّ.
*أعلنَ الشرع في 28 تمّوز 2016م في رسالةٍ مُسجّلةٍ أنّ جبهة النصرة ستُصبح من الآن فصاعدًا تحتَ الاسم الجديد "جبهة فتح الشام"، لتكون مجموعة مستقلة ليس لها أيُّ انتماءٍ لأيّ جهةٍ خارجيَّة. ولكنه لم ينكر بيعته للظواهري والقاعدة.
*في 28 كانون الثاني 2017م، أعلن الجولاني حلّ جبهة فتح الشام واندماجها في منظمة إسلاميَّة سوريَّة أكبر وهي "هيئة تحرير الشام" وهدفها كما قال هو محاربة القاعدة وداعش معا في محاولةٍ لتحسين مكانته لدى الدول الغربيَّة.
*نجحت هيئة تحرير الشام في هزيمة "داعش" والقاعدة ومعظم القوى المُعارضة في أراضيها، وفرضت سيطرتها على معظم محافظة إدلب، الّتي تديرها من خلال حكومة الإنقاذ السوريَّة المُتحالفة مع هيئة تحرير الشام. واستمر هذا الوضع حتى دخولها دمشق في الثامن من كانون الأول الجاري.
جردة بالتفجيرات بالمفخخات والانتحاريين التي قامت بها القاعدة وتنظيم "داعش" خلال فترة نشاط الجولاني في التنظيمين والممتدة من سنة 2004 وحتى 2008، إضافة إلى نشاطه كرئيس غرفة عمليات الموصل في تنظيم داعش بعد سقوط الموصل سنة 2014، والتي تتهم السلطاتُ العراقيةُ بها الجولاني، نذكر الجرائم التالية تليها معلومة عن عدد التفجيرات الإجمالي وعدد الشهداء من المدنيين كما أحصتها جهة دولية هي "IBC" وصحيفة بريطانية هي غارديان.
1-تفجير ضخم في مدينة الثورة / الصدر في 23 تشرين الثاني 2006 قُتل فيه أكثر من 202 شهيدا ومئات الجرحى.
2-تفجير في محافظة بابل بتاريخ 28 تشرين الثاني 2005 وقُتل فيه 130 شهيدا ومئات الجرحى.
3-تفجير سوق الصدرية في 18 نيسان أبريل 2007 قُتل فيه أكثر من 190 شهيدا ومئات الجرحى.
4- تفجيرات بغداد 30 أيلول –سبتمبر 2004
40 شهيدا و130 جريحا
5-تفجيرات كربلاء والنجف 19 كانون الأول – ديسمبر 2004
70 شهيدا ومئات الجرحى
6- تفجيرات البصرة 21 نيسان –أبريل 2004
80 شهيدا و180 جريحا
7-تفجيرات أربيل 1 شباط – فبراير 2004
110 شهداء و133 جريحا
8- تفجيرات تلعفر 27 آذار – مارس 2007
152 شهيدا ومئات الجرحى
9- تفجيرات كركوك 7 تموز – يوليو 2007
140 شهيدا ومئات الجرحى
10- تفجيرات سنجار 14 آب – اغسطس 2008
400 شهيد ومئات الجرحى
11- تفجيرات عاشوراء في كربلاء 2 آذار – مارس 2004
180 شهيدا و500 جريح
*معلومة: خلص تحليل أجراه "مشروع إحصاء الجثث في العراق" (IBC) هو جهد تحليلي إحصائي على شبكة الإنترنت لتسجيل الوفيات المدنية الناتجة عن غزو العراق عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة. في عام 2011 إلى أن ما لا يقل عن 12284 مدنياً استُشهدوا في ما لا يقل عن 1003 تفجيرات انتحارية في العراق بين عامي 2003 و2010. تكشف الدراسة أن التفجيرات الانتحارية تقتل 60 ضعفًا من المدنيين مقارنة بالجنود.
"الصورة خريطة التفجيرات بالمفخخات في العراق وكانت صحيفة غارديان البريطانية قد نشرت في 23 تشرين الأول -أكتوبر 2014 تقريرا إحصائيا قدرت فيه عدد التفجيرات بالمفخخات والانتحاريين خلال فترة السنوات الست من حكم نوري المالكي حيث شهد العراق أكثر من 65 ألف انفجار بعبوات ناسفة، راح ضحيتها أقل بقليل من 32 ألف شهيد، بينما تمكنت قوات الأمن من العثور على 44 ألفاً و620 عبوة ناسفة أخرى ونجحت في تفكيكها قبل انفجارها.
وورد في تقرير الصحيفة المذكورة: "وأُصيب بجراح في التفجيرات وأعمال العنف التي شهدها العراق 176 ألفاً و382 عراقياً، أغلبهم من المدنيين ممن لا علاقة لهم بالصراعات السياسية التي تشهدها البلاد".
أما أسوأ الشهور على الإطلاق خلال الفترة المشار إليها فكان شهر مايو 2007 وفيه تم تفجير 2080 مفخخة وعبوة ناسفة في مختلف أنحاء العراق، أدت إلى استشهاد وإصابة الآلاف.

