من الحرائق إلى الاغتيالات.. ماذا يحدث في كردستان؟

انفوبلس/تقرير..

أوضاع غير مألوفة يشهدها إقليم كردستان العراق، تبدأ من كثرة الحرائق والحوادث وصولاً إلى عمليات الاغتيال والانفجارات، فهناك من يصف تلك الأحداث مسألة طبيعية بينما مراقبون يشخصون جملة احتمالات لا يستبعدون أن تكون هي السبب الأول والمباشر في كل ما يحدث.

ويقدم إقليم كردستان نفسه كملاذ للاستقرار والأمن في بلد مزقته عقود من الصراعات، لكنه ليس بعيد عن تصفية الحسابات، خاصة مع تزايد حدة الخلافات بين الأطراف الكردية، ومع وجود جماعات مسلحة معارضة لدول مجاورة للعراق.

في هذا الصدد، تستعرض شبكة انفوبلس أبرز الحوادث التي حصلت في الإقليم الواقع شمالي العراق، خلال شهر تشرين الأول الماضي، وتشرين الثاني الجاري، والتي تنوعت بين حرائق واغتيالات وانفجارات وحوادث أخرى، كان بعضها تصفية حسابات.

*الاغتيالات والانفجارات

في الرابع من تشرين الأول الماضي، أمطر مجهولون، جسد امرأة تحمل الجنسية التركية بـ11 رصاصة، في منطقة بختياري بمحافظة السليمانية.

وفي السابع من الشهر ذاته، وقع انفجار في عجلة نجم عن عبوة ناسفة، وتسبب بمقتل شخص وإصابة أربعة آخرين، في محافظة أربيل.

مصادر مطلعة كشفت، أن القتيل يدعى هاوكار عبدالله وهو المسؤول بمخابرات الاتحاد (زانياري) في محافظتي اربيل ونينوى وهو مقرب من الرئيس المشترك السابق للاتحاد الوطني لاهور طالباني.

يعمل هاوكار عبد الله ضابطاً في وكالة الحماية والمعلومات التابعة لمجلس أمن إقليم كردستان.    

نتائج التحقيق في ذلك الحادث، أعلنها مجلس أمن كردستان بعد خمسة أيام على وقوعه، أي في 12 تشرين الأول، إذا قال إن "مفارزه الأمنية اعتقلت ستة متهمين ضمن خلية مؤلفة من 10 أشخاص كانت قد خططت للعمل الإرهابي بأمر مباشر من مسؤول مكافحة الإرهاب في السليمانية وهاب حلبجيي، ومسؤول الاستخبارات لديه كارزان محمد رشيد"، مبيناً أن التحقيقات أثبتت أن عملية اغتيال هاوكار نُفذت بأمر مباشر من "وهاب حلبجي" وفريقه التابع لمكافحة إرهاب السليمانية.

وألمح أزي أمين، مساعد الشؤون الأمنية لرئيس حكومة الاقليم مسرور بارزاني، إلى وقوف جهة خارجية خلف اغتيال ذلك الضابط في أربيل، على حد زعمه.

ورداً على محاولة الاغتيال تلك، أصيب شخصين إثر انفجار سيارة ملغومة في منطقة حي عقاري بمحافظة السليمانية، وذلك في 20 تشرين الأول الماضي.

مصدر رفيع أفاد بأن ذلك الانفجار كان "محاولة اغتيال لأحد الأشخاص، رداً على اغتيال الضابط في أربيل هاوكار عبد الله".

كركوك تلك المحافظة التي تعتبر من المناطق المتنازع عليها بين المركز واإقليم، دخلت أيضاً ضمن احصائية صراع الكرد، إذ وقع بتاريخ 30 تشرين الأول، انفجاراً عبر رمانة يدوية القاها شخص يستقل عجلة على منزل بالقرب من المقبرة في منطقة المصلى بمحافظة كركوك، مما أدى إلى وقوع إصابات بينهم أطفال، لكن لم يعرف من الجهة المستهدفة.

*الحوادث العرضية

في 17 تشرين الثاني 2022، تسرب غاز في نظام التدفئة المنزلي وتسبب بانفجار ضخم أدى إلى انهيار منزل مكون من ثلاثة طوابق وتضرر منزلين مجاورين، فيما أوقع 15 قتيلا و 12 مصابا في محافظة السليمانية، وفق إحصائية رسمية.

ويوم أمس، 18 تشرين الثاني، هز السليمانية دوي انفجار قوي، لكن مصدر محلي، بين أنه ناتج عن تسرب غازي ما أدى إلى انفجار منزل في حي رزكاري، لم يسفر عن إصابات لكنه تسبب بأضرار مادية.

*الحرائق

حوادث الحريق لا يربطها بـ"القضاء والقدر"، بل يرجعها إلى الصراع المحتدم بين القوى الكردية، خاصة إذ ما نظرنا إلى أماكن وقوعها، لنرى أنها تستهدف مخازن تجارية ومطاعم ومؤسسات حكومية.

اندلع في 6 تشرين الأول الماضي، حريقاً في مستشفى بحي بختياري بأربيل، وفي 17 من ذات الشهر اندلع حادثاً مماثلاً في مجمع نادي جمجمال بمحافظة السليمانية، ثم بعد ذلك حادث آخر نشب في فندق "ايف" بمنطقة عنكاوا بأربيل، بعدها وتحديداً في 25 تشرين الأول، وقع حريق داخل عدد من المخازن على طريق كزنه في أربيل، اعقب ذلك، في 12 تشرين الثاني، حريق في احد مطاعم (توب اوركانيك) الواقع داخل فندق كريستال على شارع 100 باربيل.

*انقسام وصراع

ويعيش الإقليم حالاً من الانقسام الإداري نتيجة للخلاف الممتد تاريخياً بين الحزبين التقليديين، الذي كان بلغ ذروته منتصف تسعينيات القرن الماضي عندما دخلا في حرب أهلية وصراع محتدم على النفوذ والإيرادات، وما زالا يواجهان عقبات صعبة في توحيد إدارتيهما المنقسمتين وفق مناطق النفوذ في أربيل والسليمانية، بخاصة على الصعيدين المالي والعسكري.

أيضاً، فإن كردستان التي تبلغ مساحته 40,643 كم²، يضم جماعات كردية معارضة لدول الجوار، كإيران وتركيا، لديها معسكرات هناك ومجهزة بأسلحة وعتاد ومال. 

*الاحتمالات

بناءً على ما تقدم، يرجع مراقبون ما يحدث في كردستان العراق إلى جملة احتمالات قد تكون هي السبب الأول والمباشر في كل ما يحصل، أولها هي تصفيات بين الحزبين الرئيسيين (الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي)، فيما الرأي الآخر يتمثل بالصراع بين جناح بافل طالباني وجناح لاهور جنكي.

وتركز الخلاف بين تلك الشخصيتين بعد أن قرر بافل طالباني تعيين شخصية مُقربة منه لرئاسة "جهاز زانياري" الأمني، وقيادة مكافحة الإرهاب، الذي يُعتبر بمثابة المركز الاستخباراتي والأمني الأكثر قوة، وكان قبل ذلك تحت قيادة لاهور شيخ جنكي طالباني.

بطبيعة الحال، الاتحاد الوطني يعد الحزب الثاني في إقليم كوردستان من حيث الجماهيرية والتأثير، وأي تصدع كالذي يحصل، يهز مناطق الإقليم الأخرى، وهذا ما اكده الحزب الديمقراطي الكردستاني أن هذه الأحداث تسببت بتوترات، وعدم استقرار، وأثارت القلق لدى السكان.

أما الرأي الثالث فيميل نحو وجود عمليات إرهابية من قبل الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة لتخريب الوضع في كردستان لاسيما بعد اتهامها الحزبين بالتواطؤ مع إيران لتقويض وجودهم.

في حين أن الرأي الرابع يرى أن ما جرى في سلسلة الأحداث المأساوية هذه كان "ظروف طبيعية"، وهذا الرأي الأقل احتمالية.