دوري نجوم العراق في "غرفة الإنعاش".. خيارات قاسية لإنقاذ الموسم من مقصلة التأجيلات والملحق المونديالي

انفوبلس/ تقرير

يواجه الاتحاد العراقي لكرة القدم واحدة من أصعب المحطات في تاريخه الحديث، حيث باتت "روزنامة" دوري نجوم العراق للموسم 2025-2026 أشبه بقطعة شطرنج معقدة، كل حركة فيها قد تؤدي إلى تضحيات فنية كبرى.

ومع تزايد الضغوط الجماهيرية وتراجع التصنيف الآسيوي، وجد الاتحاد نفسه أمام "مأزق ثلاثي الأبعاد" يجمع بين استحقاقات المنتخب الوطني في الملحق العالمي، والتزامات الأندية، والضغوط التنظيمية المفروضة من "فيفا".

بداية متعثرة لدوري نجوم العراق.. لغة الأرقام الصادمة

رغم أننا نقترب من إسدال الستار على العام الحالي 2025، إلا أن لغة الأرقام تبدو قاسية ومحبطة؛ إذ لم تُنجز مسابقة دوري النجوم سوى سبع جولات فقط من أصل 38 جولة مفترضة. حيث من المقرر استئناف البطولة بإقامة الجولة الثامنة ابتداءً من يوم غد الاثنين.

هذا التباطؤ لم يكن نتاج صدفة، بل هو نتاج جملة من التوقفات الطويلة التي فُرضت من أجل المنتخب العراقي، الذي لم يتمكن من حسم تأهله المباشر إلى كأس العالم2026، ليجد نفسه مضطراً لسلوك طريق "الملحق الآسيوي" ثم "الملحق العالمي".

وزاد الطين بلة قرار الاتحاد العراقي بفسح المجال أمام "أسود الرافدين" للتحضير والمشاركة في بطولة كأس العرب "قطر 2025" الاخيرة، مما أدى إلى شلل تام في المسابقة المحلية لفترات طويلة، وترك الأندية والمدربين في دوامة من فقدان الجاهزية الفنية والبدنية.

المعسكر المكسيكي وهاجس الملحق العالمي

تكشف مصادر مطلعة من داخل أروقة الاتحاد أن "عقدة المنشار" تكمن في شهر مارس/ آذار المقبل. ففي هذا الشهر، يعتزم المنتخب الوطني العراقي الدخول في معسكر تدريبي مكثف، يُرجح أن يكون في المكسيك أو دولة مجاورة لها، تحضيراً لمباراة الملحق العالمي الفاصلة المقررة في الأول من نيسان/ أبريل 2026.

هذه المباراة التي ستجمع العراق بالفائز من مواجهة (بوليفيا وسورينام) تُمثل "حلم شعب"، وهو ما يدفع الاتحاد للتضحية بالدوري من أجل توفير أفضل ظروف التحضير للمدرب واللاعبين. وبحسب التقارير، فإن الاتحاد بات على يقين بأن الاستمرار في السياق الحالي للمسابقة (دوري نجوم العراق) أمر "مستحيل" تقنياً وزمنياً.

خارطة طريق "الاتحاد": ثلاثة خيارات أحلاها مُرّ

أمام هذا الواقع، طرحت لجنة المسابقات ثلاثة سيناريوهات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهي خيارات وصفها مراقبون بـ "القاسية":

الخيار الأول (خيار الضغط الشديد): إلغاء مسابقة كأس العراق لهذا الموسم بالكامل، وضغط جدول دوري النجوم ليقام بمعدل مباراة كل ثلاثة أيام لكل فريق، بهدف إنهاء المسابقة قبل انطلاق صافرة مونديال 2026.

الخيار الثاني (دوري النخبة والهبوط): إكمال المرحلة الأولى فقط (19 جولة)، ثم تقسيم الفرق إلى مجموعتين؛ "مجموعة العشرة الكبار" لتحديد البطل والمشاركين آسيوياً، و"مجموعة العشرة الأواخر" لتحديد الهابطين.

الخيار الثالث (خيار "تصفير" العداد): وهو المقترح الأكثر راديكالية وجدلاً، ويتمثل في إيقاف المسابقة الحالية تماماً، وإلغاء نتائج الجولات السبعة الماضية، والبدء من جديد بنظام (المجموعتين)، حيث تضم كل مجموعة 10 أندية، مما يقلص عدد المباريات إلى النصف تقريباً.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن الاتحاد العراقي لكرة القدم، بدأ يفكر في اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة في ما يخص بعض المسابقات التي تخصه لموسم 2025-2026. 

درجال والأندية.. اجتماع الاعتذار والحسم

تشير المعلومات التي حصلت عليها شبكة "انفوبلس" إلى أن رئيس الاتحاد، عدنان درجال، يعتزم عقد اجتماع حاسم مع ممثلي الأندية خلال الأيام القليلة المقبلة. درجال، الذي يواجه ضغوطاً بسبب عدم الإيفاء بوعوده السابقة بانتظام الدوري، يرغب في تقديم "اعتذار رسمي" للأندية عن التخبط الذي رافق المسابقة بسبب ظروف المنتخب.

والمفارقة هنا أن المقترح الثالث (المجموعتين) يحظى بمقبولية لدى إدارات العديد من الأندية التي أرهقتها المصاريف المالية والتأجيلات، بينما يبدي المدربون اعتراضاً شرساً، معتبرين أن إلغاء نتائج الجولات السبعة هو "محو لجهود شهور من العمل" وضربة لعدالة المنافسة، خصوصاً لأندية مثل أربيل الذي يتصدر الترتيب بـ 19 نقطة، والقوة الجوية والشرطة الملاحقين له.

لكن بحسب مصدر مطلع تحدثت لشبكة "انفوبلس"، فإن قرار تقسيم الدوري (الخيار الثالث) بات شبه مكتمل من الناحية الإدارية والفنية، ومن المتوقع الإعلان عنه رسمياً خلال الأيام المقبلة بعد استكمال الإجراءات والمصادقات داخل الاتحاد.

ويُتوقع أن يثير القرار جدلاً واسعاً بين الأندية والجماهير، لما له من تأثير مباشر على نظام المنافسة وآلية تحديد المراكز وفرص التأهل والمنافسة على اللقب.

ويأتي هذا التوجه في سياق الحفاظ على توازن بين دعم المنتخب الوطني العراقي في الاستحقاقات الدولية، وضمان استمرارية الدوري المحلي دون ازدحام المباريات الذي قد يؤثر على جاهزية اللاعبين الفنية.

وبعد مرور 7 جولات على انطلاق مسابقة الدوري العراقي، يتصدر أربيل جدول ترتيب البطولة برصيد 19 نقطة، فيما يحتل القوة الجوية الوصافة برصيد 16 نقطة، يليه الشرطة برصيد 15 نقطة.

فشل الرهان على "لاليغا" وتوصيات "فيفا"

كما لا يمكن أن يغفل الجانب الإداري؛ فالأزمة الحالية كشفت عن انتهاء العقد الاستشاري مع رابطة الدوري الإسباني (لاليغا) دون تحقيق "خارطة الطريق" المرجوة التي وُعد بها الجمهور قبل ثلاث سنوات. غياب "الخطة البديلة" جعل الاتحاد في مواجهة مباشرة مع الصداع الجماهيري.

علاوة على ذلك، يبرز ضغط جديد يتمثل في توصيات الاتحاد الدولي (فيفا) بإجراء انتخابات جديدة للاتحاد العراقي في أبريل/ نيسان المقبل، مما يجعل المكتب التنفيذي الحالي في سباق مع الزمن لإنهاء ملف الدوري قبل الدخول في المعترك الانتخابي.

الصدمة الآسيوية.. دوري النجوم في ذيل القائمة

وبينما ينشغل الاتحاد بالحلول الترقيعية، جاء تصنيف الاتحاد الآسيوي للأندية ليصفع الواقع الكروي في العراق؛ إذ حل "دوري نجوم العراق" في المركز الثالث عشر آسيوياً، متذيلاً القائمة العربية والآسيوية الكبرى، ولم يسبق سوى الدوري الأردني الذي جاء أخيراً. 

وحل الدوري السعودي بالمركز الأول آسيوياً، وجاء بعده بالمركز الثاني الدوري الياباني، ثم الكوري الجنوبي بالمركز الثالث. وفي المركز الرابع جاء الدوري الإماراتي، ثم الإيراني بالمركز الخامس، وفي السادس جاء الدوريالقطري تلاه الدوري التايلاندي بالمركز السابع، ثم الصيني بالمركز الثامن، بينما جاء الدوري الأوزبكي بالمركز التاسع تلاه الأسترالي بالمركز العاشرة، وفي الحادي عشر جاء الدوري الماليزي ثم الدوري الفيتنامي في المركز ‏الثاني عشر.

هذا التراجع يعكس الفجوة الكبيرة بين "الاسم اللامع" للمسابقة وبين "الواقع التنظيمي" المتردي الذي يفتقر للاستمرارية والمعايير الدولية.

ويرى خبراء رياضيون أن هذا التراجع يعكس تأثير التوقفات الكثيرة وعدم استقرار الدوري، ما يستدعي تدخل الاتحاد العراقي بسرعة لإعادة ترتيب المسابقة وفق خطة واضحة تضمن العدالة والمنافسة الشريفة بين الأندية.

الخلاصة: الحلم المونديالي مقابل هيبة الدوري

يقف الشارع الرياضي العراقي اليوم أمام انقسام حاد؛ فطرف يرى أن الوصول إلى كأس العالم 2026 يبرر أي تضحية بالمسابقات المحلية، وطرف آخر يرى أن تدمير نظام الدوري وتحويله إلى "مجموعات" أو إلغاء نتائجه هو رصاصة رحمة على مشروع "الاحتراف" الذي طبل له الاتحاد طويلاً.

وبين هذا وذاك، ينتظر الجميع "الدخان الأبيض" الذي سيخرج من اجتماع درجال بالأندية، وسط توقعات بأن يُعلن رسمياً عن "دوري المجموعتين" كحل أخير ومُرّ، لضمان تهيئة "أسود الرافدين" لموقعة الأول من نيسان، حتى لو كان الثمن هو وَأْد الموسم الكروي الأطول والأكثر ارتباكاً في تاريخ العراق.